الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير

                                                                                                                                                                                                                                        (237) أي: إذا طلقتم النساء قبل المسيس وبعد فرض المهر، فللمطلقات من المهر المفروض نصفه، ولكم نصفه.

                                                                                                                                                                                                                                        هذا هو الواجب ما لم يدخله عفو ومسامحة، بأن تعفو عن نصفها لزوجها، إذا كان يصح عفوها، أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج على الصحيح لأنه الذي بيده حل عقدته; ولأن الولي لا يصح أن يعفو عن ما وجب للمرأة، لكونه غير مالك ولا وكيل، وقيل: إنه الأب وهو الذي يدل عليه لفظ الآية الكريمة. [ ص: 178 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ثم رغب في العفو، وأن من عفا، كان أقرب لتقواه، لكونه إحسانا موجبا لشرح الصدر، ولكون الإنسان لا ينبغي أن يهمل نفسه من الإحسان والمعروف، وينسى الفضل الذي هو أعلى درجات المعاملة، لأن معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب، وهو: أخذ الواجب، وإعطاء الواجب، وإما فضل وإحسان، وهو إعطاء ما ليس بواجب، والتسامح في الحقوق، والغض مما في النفس، فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة، ولو في بعض الأوقات، وخصوصا لمن بينك وبينه معاملة أو مخالطة، فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم، ولهذا قال: إن الله بما تعملون بصير .

                                                                                                                                                                                                                                        ثم قال تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية