الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب سترة المصلي

                                                                                                                499 حدثنا يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن موسى بن طلحة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من مر وراء ذلك

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من مر وراء ذلك ) ( المؤخرة ) بضم الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة ، ويقال بفتح الخاء مع فتح الهمزة وتشديد الخاء ، ومع إسكان الهمزة وتخفيف الخاء ، ويقال ( آخرة الرحل ) بهمزة ممدودة وكسر الخاء ، فهذه أربع لغات وهي العود الذي في آخر الرحل .

                                                                                                                وفي هذا الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلي وبيان أن أقل السترة مؤخرة الرحل وهي قدر عظم الذراع ، هو نحو ثلثي ذراع ، ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه هكذا وشرط مالك - رحمه الله تعالى - أن يكون في غلظ الرمح .

                                                                                                                قال العلماء : والحكمة في السترة كف البصر عما وراءه ، ومنع من يجتاز بقربه ، واستدل القاضي عياض - رحمه الله تعالى - بهذا الحديث على أن الخط بين يدي المصلي لا يكفي قال : وإن كان قد جاء به حديث وأخذ به أحمد بن حنبل - رحمه الله تعالى - فهو ضعيف واختلف فيه فقيل : يكون مقوسا كهيئة المحراب ، وقيل قائما بين يدي المصلي إلى القبلة ، وقيل من جهة يمينه إلى شماله . قال : ولم ير مالك - رحمه الله تعالى - ولا عامة الفقهاء الخط . هذا كلام القاضي ، وحديث الخط رواه أبو داود وفيه ضعف واضطراب ، واختلف قول [ ص: 162 ] الشافعي - رحمه الله تعالى - فيه فاستحبه في سنن حرملة وفي القديم ، ونفاه في البويطي ، وقال جمهور أصحابه باستحبابه ، وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط . والله أعلم .

                                                                                                                قال أصحابنا : ينبغي له أن يدنو من السترة ، ولا يزيد ما بينهما على ثلاث أذرع ، فإن لم يجد عصا ونحوها جمع أحجارا أو ترابا أو متاعه ، وإلا فليبسط مصلى ، وإلا فليخط الخط ، وإذا صلى إلى سترة منع غيره من المرور بينه وبينها ، وكذا يمنع من المرور بينه وبين الخط ، ويحرم المرور بينه وبينها ، فلو لم يكن سترة أو تباعد عنها فقيل : له منعه ، والأصح أنه ليس له لتقصيره ، ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه ، لكن يكره ، ولو وجد الداخل فرجة في الصف الأول فله أن يمر بين يدي الصف الثاني ويقف فيها لتقصير أهل الصف الثاني بتركها ، والمستحب أن يجعل السترة عن يمينه أو شماله ولا يضم لها . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية