الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( كتاب الطلاق ) :

                                                                                                                                قال الشيخ رحمه الله تعالى : الكلام في هذا الكتاب في الأصل يقع في خمسة مواضع .

                                                                                                                                في بيان صفة الطلاق وفي بيان قدره وفي بيان ركنه وفي بيان شرائط الركن وفي بيان حكمه أما الأول فالطلاق بحق الصفة نوعان : طلاق سنة وطلاق بدعة ، وإن شئت قلت طلاق مسنون وطلاق مكروه أما .

                                                                                                                                طلاق السنة فالكلام فيه في موضعين أحدهما في تفسير طلاق السنة : أنه ما هو ، والثاني في بيان الألفاظ التي يقع بها طلاق السنة أما الأول فطلاق السنة نوعان ; نوع يرجع إلى الوقت ونوع يرجع إلى العدد ، وكل واحد منهما نوعان حسن وأحسن ، ولا يمكن معرفة كل واحد منهما إلا بعد معرفة أصناف النساء ، وهن في الأصل على صنفين حرائر وإماء وكل صنف على صنفين حائلات وحاملات ، والحائلات على صنفين ذوات الإقراء وذوات الأشهر .

                                                                                                                                إذا عرف هذا فنقول وبالله التوفيق أحسن الطلاق في ذوات القرء أن يطلقها طلقة واحدة رجعية في طهر لا جماع فيه ولا طلاق ولا في حيضة طلاق ولا جماع ويتركها حتى تنقضي عدتها ثلاث حيضات إن كانت حرة وإن كانت أمة حيضتان ، والأصل فيه ما روي عن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحسنون أن لا يطلقوا للسنة إلا واحدة ثم لا يطلقوا غير ذلك حتى تنقضي العدة ، وفي رواية أخرى قال في الحكاية عنهم : وكان ذلك عندهم أحسن من أن يطلق الرجل ثلاثة في ثلاثة أطهار وهذا نص في الباب ومثله لا يكذب ولأن الكراهة لمكان احتمال الندم ، والطلاق في طهر لا جماع فيه دليل على عدم الندم لأن الطهر الذي لا جماع فيه زمان كمال الرغبة .

                                                                                                                                والفحل لا يطلق امرأته في زمان كمال الرغبة إلا لشدة حاجته إلى الطلاق ، فالظاهر أنه لا يلحقه الندم فكان طلاق لحاجة فكان مسنونا ، ولو لحقه الندم فهو أقرب إلى التدارك من الثلاث في ثلاثة أطهار فكان أحسن وإنما شرطا أن يكون في طهر لا طلاق فيه لأن الجمع بين الطلقات الثلاث أو الطلقتين في طهر واحد مكروه عندنا وإنما شرطنا أن لا يكون في حيضة جماع ولا طلاق لأنه إذا جامعها في حيض هذا الطهر احتمل أنه وقع الجماع معلقا فيظهر الحبل فيندم على صنيعه فيظهر أنه طلق لا لحاجة وإذا طلقها فيه فالطلاق فيه بمنزلة الطلاق في الطهر الذي بعده لأن تلك الحيضة لا يعتد بها ولو طلقها في الطهر يكره له أن يطلقها أخرى فيه فكذا إذا طلقها في الحيض ثم طهرت .

                                                                                                                                وأما في الحامل إذا استبان حملها فالأحسن أن يطلقها واحدة رجعية وإن كان قد جامعها وطلقها عقيب الجماع لأن الكراهة في ذوات القرء لاحتمال الندامة لا لاحتمال الحبل فمتى طلقها مع علمه بالحبل فالظاهر [ ص: 89 ] أنه لا يندم ، وكذلك في ذوات الشهر من الآيسة والصغيرة الأحسن أن يطلقها واحدة رجعية وإن كان عقيب طهر جامعها فيه .

                                                                                                                                وهذا قول أصحابنا الثلاثة .

                                                                                                                                وقال زفر يفصل بين طلاق الآيسة والصغيرة وبين جماعهما بشهر وجه قوله : إن الشهر في حق الآيسة والصغيرة أقيم مقام الحيضة فيمن تحيض ثم يفصل في طلاق السنة بين الوطء وبين الطلاق بحيضة ، فكذا يفصل بينهما فيمن لا تحيض بشهر كما يفصل بين التطليقتين ولنا أن كراهة الطلاق في الطهر الذي وجد الجماع فيه في ذوات الإقراء لاحتمال أن تحبل بالجماع فيندم وهذا المعنى لا يوجد في الآيسة والصغيرة وإن وجد الجماع ; ولأن الإياس والصغر في الدلالة على براءة الرحم فوق الحيضة في ذوات الأقراء فلما جاز الإيقاع ثمة عقيب الحيضة فلأن يجوز هنا عقيب الجماع أولى .

                                                                                                                                وأما الحسن في الحرة التي هي ذات القرء أن يطلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار لا جماع فيها بأن يطلقها واحدة في طهر لا جماع فيه ثم إذا حاضت حيضة أخرى وطهرت طلقها أخرى ثم إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى وإن كانت أمة طلقها واحدة ثم إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى وهذا قول عامة العلماء .

                                                                                                                                وقال مالك لا أعرف طلاق السنة إلا أن يطلقها واحدة ويتركها حتى تنقضي عدتها .

                                                                                                                                وجه قوله : إن الطلاق المسنون هو الطلاق لحاجة ، والحاجة تندفع بالطلقة الواحدة فكانت الثانية والثالثة في الطهر الثاني والثالث تطليقا من غير حاجة فيكره لهذا أكره الجمع كذا التفريق إذ كل ذلك طلاق من غير حاجة ( ولنا ) قوله تعالى : { فطلقوهن لعدتهن } أي ثلاثا في ثلاثة أطهار كذا فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه روي أن { عبد الله بن عمر رضي الله عنهما طلق امرأته حالة الحيض فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أخطأت السنة ما هكذا أمرك ربك إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل طهر تطليقة فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء } فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق للعدة بالثلاث في ثلاثة أطهار ، والله عز وجل أمر به وأدنى درجات الأمر الندب ، والمندوب إليه يكون حسنا ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على كونه سنة حيث قال : " إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل طهر تطليقة " والدليل عليه ما روي عن إبراهيم النخعي في حكايته عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وكان ذلك عندهم أحسن من أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا في ثلاثة أطهار وإذا كان ذلك أحسن من هذا كان هذا حسنا في نفسه ضرورة .

                                                                                                                                وأما قوله إن الثانية والثالثة تطليق من غير حاجة فممنوع ، فإن الإنسان قد يحتاج إلى حسم باب نكاح امرأته على نفسه لما ظهر له أن نكاحها ليس بسبب المصلحة له دنيا ودينا لكن يميل قلبه إليها لحسن ظاهرها فيحتاج إلى الحسم على وجه ينسد باب الوصول إليها ولا يلحقه الندم غلا يمكنه دفع هذه الحاجة بالثلاث جملة واحدة لأنها تعقب الندم عسى ولا يمكنه التدارك فيقع في الزنا فيحتاج إلى إيقاع الثلاث في ثلاثة أطهار ، فيطلقها تطليقة رجعية في طهر لا جماع فيه ويجرب نفسه أنه هل يمكنه الصبر عنها ؟ فإن لم يمكنه راجعها وإن أمكنه طلقها تطليقة أخرى في الطهر الثاني ويجرب نفسه ثم يطلقها ثالثة في الطهر الثالث فينحسم باب النكاح عليه من غير ندم يلحقه ظاهرا أو غالبا ، فكان إيقاع الثانية والثالثة في الطهر الثاني والثالث طلاقا لحاجة فكان مسنونا على أن الحكم تعلق بدليل الحاجة لا بحقيقتها لكونها أمرا باطنا لا يوقف عليه إلا بدليل فيقام الطهر الخالي عن الجماع مقام الحاجة إلى الطلاق فكان تكرار الطهر دليل تجدد الحاجة فيبنى الحكم عليه ، ثم إذا وقع عليها ثلاث تطليقات في ثلاثة أطهار فقد مضى من عدتها حيضتان إن كانت حرة لأن العدة بالحيض عندنا ، وبقيت حيضة واحدة فإذا حاضت حيضة أخرى فقد انقضت عدتها وإن كانت أمة فإن وقع عليها تطليقتان في طهرين فقد مضت من عدتها حيضة وبقيت حيضة واحدة فإذا حاضت حيضة أخرى فقد انقضت عدتها .

                                                                                                                                وإن كانت من ذوات الأشهر طلقها واحدة رجعية وإذا مضى شهر طلقها أخرى ، ثم إذا مضى شهر طلقها أخرى ثم إذا كانت حرة فوقع عليها ثلاث تطليقات ومضى من عدتها شهران وبقي شهر واحد من عدتها فإذا مضى شهر آخر فقد انقضت عدتها وإن كانت أمة ووقع عليها تطليقتان في شهر وبقي من عدتها نصف شهر فإذا مضى نصف شهر فقد انقضت عدتها وإن كانت حاملا فكذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف [ ص: 90 ] يطلقها ثلاثا للسنة ويفصل بين كل طلاقيها بشهر .

                                                                                                                                وقال محمد : لا يطلق الحامل للسنة إلا طلقة واحدة وهو قول زفر وذكر محمد رحمه الله في الأصل : بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله والحسن البصري رضي الله عنهم ولا خلاف في أن الممتد طهرها لا تطلق للسنة إلا واحدة وجه قول محمد وزفر : أن إباحة التفريق في الشرع متعلقة بتجدد فصول العدة لأن كل قرء في ذوات الإقراء فصل من فصول العدة وكل شهر في الآيسة والصغيرة فصل من فصول العدة ، ومدة الحمل كلها فصل واحد من العدة لتعذر الاستبراء به في حق الحامل فلم يكن في معنى مورد الشرع فلا يفصل بالشهر ولهذا لم يفصل في الممتد طهرها بالشهر كذا ههنا ولأبي حنيفة وأبي يوسف قوله تعالى : { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } شرع الثلاث متفرقات من غير فصل بين الحامل والحائل أما شرعية طلقة وطلقة فبقوله تعالى : { الطلاق مرتان } لأن معناه دفعتان على ما نذكر إن شاء الله تعالى وشرعية الطلقة الثالثة بقوله عز وجل : { أو تسريح بإحسان } أو بقوله عز وجل : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } من غير فصل ولأن الحامل ليست من ذوات الأقراء فيفصل بين طلاقيها بشهر كالآيسة والصغيرة ، والجامع أن الفصل هناك بشهر لكون الشهر زمان تجدد الرغبة في العادة فيكون زمان تجدد الحاجة وهذا المعنى موجود في الحامل فيفصل .

                                                                                                                                فأما كون الشهر فصلا من فصول العدة فلا أثر له فكان من أوصاف الوجود لا من أوصاف التأثير إنما المؤثر ما ذكرنا فينبني الحكم عليه وما ذكر محمد رحمه الله في الأصل لا حجة له فيه لأن لفظ الحديث { أفضل طلاق الحامل أن يطلقها واحدة ثم يدعها حتى تضع حملها } وبه نقول إن ذلك أفضل ولا كلام فيه وأما الممتد طهرها فإنما لا تطلق للسنة إلا واحدة لأنها من ذوات الأقراء لأنها قد رأت الدم وهي شابة لم تدخل في حد الإياس إلا أنه امتد طهرها لداء فيها يحتمل الزوال ساعة فساعة فبقي أحكام ذوات الأقراء فيها ولا تطلق ذوات الأقراء في طهر لا جماع فيه للسنة إلا واحدة والله عز وجل أعلم ، ولو طلق امرأته تطليقة واحدة في طهر لا جماع فيه ثم راجعها بالقول في ذلك الطهر فله أن يطلقها في ذلك الطهر في قول أبي حنيفة وزفر .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف لا يطلق في ذلك الطهر للسنة وهو قول الحسن بن زياد ، وقول محمد مضطرب ذكره أبو جعفر الطحاوي مع قول أبي حنيفة وذكره الفقيه أبو الليث مع قول أبي يوسف .

                                                                                                                                ولو أبانها في طهر لم يجامعها ثم تزوجها فله أن يطلقها في ذلك الطهر بالإجماع ( وجه ) قول أبي يوسف : إن الطهر طهر واحد ، والجمع بين طلاقين في طهر واحد لا يكون سنة كما قبل الرجعة ، ولأبي حنيفة أنه لما راجعها فقد أبطل حكم الطلاق وجعل الطلاق كأنه لم يكن في حق الحكم ولأنها عادت إلى الحالة الأولى بسبب من جهته فكان له أن يطلقها أخرى كما إذا أبانها في طهر لم يجامعها فيه ثم تزوجها ، وعلى هذا الخلاف إذا راجعها بالقبلة أو باللمس عن شهوة أو بالنظر إلى فرجها عن شهوة وعلى هذا الخلاف إذا أمسك الرجل امرأته بشهوة فقال لها في حال الملامسة بشهوة بأن كان أخذ بيدها لشهوة : أنت طالق ثلاثا للسنة وذلك في طهر لم يجامعها فيه أنه يقع عليها ثلاث تطليقات على التعاقب للسنة في قول أبي حنيفة رحمه الله فتقع التطليقة الأولى ويصير مراجعا لها بالإمساك عن شهوة ثم تقع الأخرى ويصير مراجعا بالإمساك ثم تقع الثالثة وعند أبي يوسف لا يقع عليها للسنة إلا واحدة ، والطلاقان الباقيان إنما يقعان في الطهرين الباقيين ، وهذا إذا راجعها بالقول أو بفعل المس عن شهوة ، .

                                                                                                                                فأما إذا راجعها بالجماع بأن طلقها في طهر لا جماع فيه ثم جامعها حتى صار مراجعا لها ثم إذا أراد أن يطلقها في ذلك الطهر ليس له ذلك بالإجماع لأن حكم الطلاق قد بطل بالمراجعة فبقي ذلك الطهر طهرا مبتدأ جامعها فيه فلا يجوز له أن يطلقها فيه هذا إذا راجعها بالجماع فلم تحمل منه فإن حملت منه فله أن يطلقها أخرى في قول أبي حنيفة ومحمد وزفر ، وعند أبي يوسف ليس له أن يطلقها حتى يمضي شهر من التطليقة الأولى أبو يوسف يقول : هذا طهر واحد فلا يجمع فيه بين طلاقين كما في المسألة الأولى ، وهم يقولون إن الرجعة أبطلت حكم الطلاق وألحقته بالعدم وكراهة الطلاق في الطهر الذي جامعها فيه لمكان الندم لاحتمال الحمل فإذا طلقها مع العلم بالحمل لا يندم كما لو لم يكن طلقها في هذا الطهر ولكنه جامعها فيه فحملت كان له أن يطلقها لما قلنا كذا هذا .

                                                                                                                                ولو طلق الصغيرة تطليقة ثم حاضت وطهرت قبل مضي شهر فله [ ص: 91 ] أن يطلقها أخرى في قولهم جميعا لأنها لما حاضت فقد بطل حكم الشهر لأن الشهر في حقها بدل من الحيض ولا حكم للبدل مع وجود المبدل .

                                                                                                                                وأما إذا طلق امرأته وهي من ذوات الأقراء ثم أيست فله أن يطلقها أخرى حتى تيأس في قول أبي حنيفة

                                                                                                                                وقال أبو يوسف : لا يطلقها حتى يمضي شهر وجه قوله إن هذا طهر واحد فلا يحتمل طلاقين ولأبي حنيفة أن حكم الحيض قد بطل باليأس وانتقل حالها من العدة بالحيض إلى العدة بالأشهر وذلك يفصل بين التطليقتين كالانتقال من الشهور إلى الحيض في حق الصغيرة ، وهذا التفريع إنما يتصور على الرواية التي قدرت للإياس حدا معلوما خمسين سنة أو ستين سنة ، فإذا تمت هذه المدة بعد التطليقة جاز له أن يطلقها أخرى عند أبي حنيفة لما ذكرنا .

                                                                                                                                فأما على الرواية التي لم تقدر للإياس مدة معلومة وإنما علقته بالعادة فلا يتصور هذا التفريع .

                                                                                                                                ولو طلق امرأته في حال الحيض ثم راجعها ثم أراد طلاقها ذكر في الأصل أنها إذا طهرت ثم حاضت ثم طهرت طلقها إن شاء وذكر الطحاوي أنه يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة .

                                                                                                                                وذكر الكرخي أن ما ذكره الطحاوي قول أبي حنيفة وما ذكره في الأصل قول أبي يوسف ومحمد وجه ما ذكر في الأصل : ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه لما طلق ابنه عبد الله امرأته في حالة الحيض { مر ابنك فليراجعها ثم يدعها إلى أن تحيض فتطهر ثم تحيض فتطهر ثم ليطلقها إن شاء طاهرا من غير جماع } أمره صلى الله عليه وسلم بترك الطلاق إلى غاية الطهر الثاني فدل أن وقت طلاق السنة هو الطهر الثاني دون الأول ولأن الحيضة التي طلقها فيها غير محسوبة من العدة فكان إيقاع الطلاق فيها كإيقاع الطلاق في الطهر الذي يليها ، ولو طلق في الطهر الذي يليها لم يكن له أن يطلق فيه أخرى كذا هذا وجه ما ذكره الطحاوي أن هذا طهر لا جماع فيه ولا طلاق حقيقة فكان له أن يطلقها فيه كالطهر الثاني .

                                                                                                                                وأما الحديث فقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمر { أخطأت السنة ما هكذا أمرك الله تعالى إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل طهر تطليقة } جعل صلى الله عليه وسلم الطلاق في كل طهر طلاقا على وجه السنة والطهر الذي يلي الحيضة طهر فكان الإيقاع فيه إيقاعا على وجه السنة فيجمع بين الروايتين فتحمل تلك الرواية على الأحسن لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتطليقة الواحدة في طهر واحد لا جماع فيه ، وهذا أحسن الطلاق وهذه الرواية على الحسن لأنه أمره بالثلاث في ثلاثة أطهار جمعا بين الروايتين ; عملا بهما ; جمعا بقدر الإمكان .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية