الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا

                                                                                                                                                                                                من تحتها هو جبريل -عليه السلام- قيل : كان يقبل كالقابلة ، وقيل : هو عيسى ، وهي قراءة عاصم وأبي عمرو ، وقيل : "تحتها" : أسفل من مكانها ؛ كقوله : تجري من تحتها الأنهار [البقرة : 25 ] وقيل : كان أسفل منها تحت الأكمة ، فصاح بها : "لا تحزني " ، وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص : "من تحتها " ، وفي ناداها ضمير الملك أو عيسى ، وعن قتادة : الضمير في تحتها للنخلة ، وقرأ زر وعلقمة : "فخاطبها من تحتها " .

                                                                                                                                                                                                سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السري ، فقال : "هو الجدول " ؛ قال لبيد [من الكامل ] : [ ص: 15 ]

                                                                                                                                                                                                فتوسطا عرض السري فصدعا . . . مسجورة متجاور قلامها



                                                                                                                                                                                                [ ص: 16 ] وقيل : هو من السرو ، والمراد : عيسى ، وعن الحسن : كان والله عبدا سريا .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : ما كان حزنها لفقد الطعام والشراب حتى تسلى بالسري والرطب ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : لم تقع التسلية بهما من حيث إنهما طعام وشراب ؛ ولكن من حيث إنهما معجزتان تريان الناس أنها من أهل العصمة والبعد من الريبة ، وأن مثلها مما قرفوها به بمعزل ، وأن لها أمورا إلهية خارجة عن العادات خارقة لما ألفوا واعتادوا ، حتى يتبين لهم أن ولادها من غير فحل ليس ببدع من شأنها .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية