الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا

                                                                                                                                                                                                رب السماوات والأرض : بدل من ربك ، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو رب السماوات والأرض ، "فاعبده" كقوله [من الطويل ] :


                                                                                                                                                                                                وقائلة خولان فانكح فتاتهم



                                                                                                                                                                                                [ ص: 38 ] وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون وما كان ربك نسيا : من كلام المتقين ، وما بعده من كلام رب العزة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : هلا عدي : " اصطبر " : بعلى التي هي صلته ؛ كقوله تعالى : واصطبر عليها [طه : 132 ] .

                                                                                                                                                                                                قلت : لأن العبادة جعلت بمنزلة القرن في قولك للمحارب : اصطبر لقرنك : أي اثبت له فيما يورد عليك من شداته أريد أن العبادة تورد عليك شدائد ومشاق ، فاثبت لها ولا تهن ، ولا يضق صدرك عن إلقاء عداتك من أهل الكتاب إليك الأغاليط ، وعن احتباس الوحي عليك مدة وشماتة المشركين بك ، أي : لم يسم شيء بالله قط ، وكانوا يقولون لأصنامهم : آلهة ، والعزى : إله ، وأما الذي عوض فيه الألف واللام من الهمزة ، فمخصوص به المعبود الحق غير مشارك فيه ، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - : لا يسمى أحد الرحمن غيره ، ووجه آخر : هل تعلم من سمي باسمه على الحق دون [ ص: 39 ] الباطل ؛ لأن التسمية على الباطل في كونها غير معتد بها كلا تسمية ، وقيل : مثلا وشبيها ، أي : إذا صح أن لا معبود يوجه إليه العباد العبادة إلا هو وحده ، لم يكن بد من عبادته والاصطبار على مشاقها وتكاليفها .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية