الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا

                                                                                                                                                                                                "ويزيد " : معطوف على موضع فليمدد ؛ لأنه واقع موقع الخبر ، تقديره : من كان في الضلالة مد أو يمد له الرحمن ، ويزيد : أي يزيد في ضلال الضال بخذلانه ، ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه ، والباقيات الصالحات : أعمال الآخرة كلها ، وقيل : الصلوات ، وقيل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، أي هي خير ثوابا : من مفاخرات الكفار ، وخير مردا أي : مرجعا وعاقبة ، أو منفعة ، من قولهم : ليس لهذا الأمر مرد :

                                                                                                                                                                                                وهل يرد بكاي زندا

                                                                                                                                                                                                [ ص: 50 ] فإن قلت : كيف قيل خير ثوابا كأن لمفاخراتهم ثوابا ، حتى يجعل ثواب الصالحات خيرا منه ؟ قلت : كأنه قيل : ثوابهم النار ؛ على طريقة قوله [من الطويل ] :


                                                                                                                                                                                                فأعتبوا بالصيلم



                                                                                                                                                                                                وقوله [من الكامل ] :


                                                                                                                                                                                                شجعاء جرتها الذميل تلوكه     أصلا إذا راح المطي عراثا



                                                                                                                                                                                                وقوله [من الوافر ] :


                                                                                                                                                                                                تحية بينهم ضرب وجيع



                                                                                                                                                                                                ثم بني عليه خير ثوابا ، وفيه ضرب من التهكم الذي هو أغيظ للمتهدد من أن يقال له : عقابك النار .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : فما وجه التفضيل في الخير كأن لمفاخرهم شركا فيه ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : هذا من وجيز كلامهم ، يقولون : الصيف أحر من الشتاء ، أي : أبلغ من الشتاء في برده .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية