الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون

                                                                                                                                                                                                                                        (254) يحث الله المؤمنين على النفقات في جميع طرق الخير; لأن حذف المعمول يفيد التعميم، ويذكرهم نعمته عليهم بأنه هو الذي رزقهم، ونوع عليهم النعم، وأنه لم يأمرهم بإخراج جميع ما في أيديهم، بل أتى ب "من" الدالة على التبعيض، فهذا مما يدعوهم إلى الإنفاق.

                                                                                                                                                                                                                                        ومما يدعوهم أيضا إخبارهم أن هذه النفقات مدخرة عند الله في يوم لا تفيد فيه المعاوضات بالبيع ونحوه، ولا التبرعات، ولا الشفاعات، فكل أحد يقول: ما قدمت لحياتي، فتنقطع الأسباب كلها، إلا الأسباب المتعلقة بطاعة الله والإيمان به، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ، [ ص: 186 ] وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ، ثم قال تعالى: والكافرون هم الظالمون وذلك لأن الله خلقهم لعبادته ورزقهم وعافاهم ليستعينوا بذلك على طاعته، فخرجوا عما خلقهم الله له، وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا، واستعانوا بنعمه على الكفر والفسوق والعصيان، فلم يبقوا للعدل موضعا، فلهذا حصر الظلم المطلق فيهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية