الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون

                                                                                                                                                                                                                                        يقول تعالى: أفرأيت الرجل الضال الذي اتخذ إلهه هواه فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه. وأضله الله على علم من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها. وختم على سمعه فلا يسمع ما ينفعه، وقلبه فلا يعي الخير وجعل على بصره غشاوة تمنعه من نظر الحق، فمن يهديه من بعد الله أي: لا أحد يهديه وقد سد الله عليه أبواب الهداية وفتح له أبواب الغواية، وما ظلمه الله ولكن هو الذي ظلم نفسه [ ص: 1637 ] وتسبب لمنع رحمة الله عليه أفلا تذكرون ما ينفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه.

                                                                                                                                                                                                                                        وقالوا أي: منكرو البعث ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر أي: إن هي إلا عادات وجري على رسوم الليل والنهار يموت أناس ويحيا أناس وما مات فليس براجع إلى الله ولا مجازيه بعمله.

                                                                                                                                                                                                                                        وقولهم هذا صادر عن غير علم إن هم إلا يظنون فأنكروا المعاد وكذبوا الرسل الصادقين من غير دليل دلهم على ذلك ولا برهان.

                                                                                                                                                                                                                                        إن هي إلا ظنون واستبعادات خالية عن الحقيقة ولهذا قال تعالى: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين وهذا جراءة منهم على الله، حيث اقترحوا هذا الاقتراح وزعموا أن صدق رسل الله متوقف على الإتيان بآبائهم، وأنهم لو جاءوهم بكل آية لم يؤمنوا إلا إن تبعتهم الرسل على ما قالوا، وهم كذبة فيما قالوا وإنما قصدهم دفع دعوة الرسل لا بيان الحق، قال تعالى: قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون وإلا فلو وصل العلم باليوم الآخر إلى قلوبهم، لعملوا له أعمالا وتهيئوا له.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية