الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( إلا ما يتلى عليكم )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في الذي عناه الله بقوله : " إلا ما يتلى عليكم " . فقال بعضهم : عنى الله بذلك : أحلت لكم أولاد الإبل والبقر والغنم ، إلا ما بين الله لكم فيما يتلى عليكم بقوله : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) ، الآية [ سورة المائدة : 3 ] .

ذكر من قال ذلك :

10927 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا [ ص: 458 ] عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، إلا الميتة وما ذكر معها .

10928 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، أي : من الميتة التي نهى الله عنها ، وقدم فيها .

10929 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : " إلا ما يتلى عليكم " ، قال : إلا الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه .

10930 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " إلا ما يتلى عليكم " ، الميتة والدم ولحم الخنزير .

10931 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، الميتة ولحم الخنزير .

10932 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم " ، هي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به .

وقال آخرون : بل الذي استثنى الله بقوله : " إلا ما يتلى عليكم " ، الخنزير .

ذكر من قال ذلك .

10933 - حدثني عبد الله بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " إلا ما يتلى عليكم قال : الخنزير .

10934 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " إلا ما يتلى عليكم " ، يعني : الخنزير .

[ ص: 459 ]

قال أبو جعفر : وأولى التأويلين في ذلك بالصواب ، تأويل من قال : "عنى بذلك : إلا ما يتلى عليكم من تحريم الله ما حرم عليكم بقوله : " حرمت عليكم الميتة " ، الآية . لأن الله عز وجل استثنى مما أباح لعباده من بهيمة الأنعام ، ما حرم عليهم منها . والذي حرم عليهم منها ، ما بينه في قوله : ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) [ سورة المائدة : 3 ] . وإن كان حرمه الله علينا ، فليس من بهيمة الأنعام فيستثنى منها . فاستثناء ما حرم علينا مما دخل في جملة ما قبل الاستثناء ، أشبه من استثناء ما حرم مما لم يدخل في جملة ما قبل الاستثناء .

التالي السابق


الخدمات العلمية