الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1763 الأصل

من كتاب الجزية

[ 1005 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد العزيز بن محمد، [ ص: 302 ] عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن هرمز أن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بالنساء، وهل كان يضرب لهن بسهم؟

فقال: قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بالنساء فيداوين الجرحى، ولم يكن يضرب لهن بسهم، ولكن يحذين من الغنيمة .


التالي السابق


الشرح

يزيد بن هرمز الفارسي، مولى بني ليث.

روى عن: أبي هريرة، وابن عباس.

وسمع منه: الزهري، والحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، وعمرو بن دينار، وغيرهم .

ونجدة هو ابن عامر الحنفي، من رؤساء الخوارج المعروفين بالحرورية وسيأتي ذكره، عن ابن عباس أنه قال: إن ناسا يقولون: إن ابن عباس يكاتب الحرورية، ولولا أني أخاف أن أكتم علما لم أكتب إليه ... .

والحديث صحيح، رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، ورواه الشافعي في بعض كتبه عن حاتم بن إسماعيل.

وفيه دليل على أنه يجوز الغزو بالنساء في الجملة .

[ ص: 303 ] وقوله: "فيداوين الجرحى" يشعر بأنهن وإن حضرن فلا يلين القتال، ولكن يتعهدن المرضى ويداوين الجرحى ويحفظن الرحل، وعن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى .

وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نسوة خرجن معه، فأمر بردهن; فقد قيل: إن سببه أنه لم يأمن من غلبة العدو هناك، أو كن ذوات جمال وحداثة سن فلم يأمن الفتنة.

وفيه دليل على أنه لا يكمل لهن سهم الغنيمة خلافا لقول بعضهم، وعلى أنه يرضخ لهن ويعطين شيئا دون السهم خلافا لقول مالك فيما رواه أبو سليمان الخطابي أنه لا يرضخ لهن، وفيه دليل على أن ما يرضخن به من الغنيمة خلافا لقول من قال: إنه لا يرضخ لهن من الغنيمة، ولكن يرضخ من خمس الخمس سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: "يحذين من الغنيمة" أي: يعطين، يقال: حذوته وأحذيته أي: أعطيته، والاسم الحذوة.

وقوله: من كتاب الجزية، هكذا ترجم الشافعي في الأم الكتاب، لكنه لم يقصره على ما يتعلق بالجزية، بل أورد فيه أبواب السير.




الخدمات العلمية