الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا تنبيه على تفرده تعالى بالقدرة الكاملة والنعمة الشاملة ليدلهم على توحده سبحانه باستحقاق العبادة فتعريف الطرفين للقصر وهو قصر تعيين وفي ذلك أيضا تقرير لما سلف من كون جميع الموجودات الممكنة تحت قدرته وملكته المفصح عن اختصاص العزة به سبحانه .

                                                                                                                                                                                                                                      والجعل إن كان بمعنى الإبداع والخلق فمبصرا حال، وإن كان بمعنى التصيير فلكم المفعول الثاني أو حال كما في الوجه الأول فالمفعول الثاني لتسكنوا فيه أو هو محذوف يدل عليه المفعول الثاني من الجملة الثانية كما أن العلة الغائية منها محذوفة اعتمادا على ما في الأولى، والتقدير هو الذي جعل لكم الليل مظلما لتسكنوا فيه والنهار مبصرا لتتحركوا فيه لمصالحكم فحذف من كل ما ذكر في الآخر اكتفاء بالمذكور عن المتروك، وفيه على هذا صنعة الاحتباك والآية شائعة في التمثيل بها لذلك وهو الظاهر فيها وإن كان أمرا غير ضروري، ومن هنا ذهب جمع إلى أنه لا احتباك فيها، والعدول عن لتبصروا فيه الذي يقتضيه ما قبل إلى ما في النظم الجليل [ ص: 155 ] للتفرقة بين الظرف المجرور الذي هو سبب يتوقف عليه في الجملة وإسناد الإبصار إلى النهار مجازي كالذي في قول جرير:

                                                                                                                                                                                                                                      لقد لمتنا ياأم غيلان في السرى ونمت وما ليل المطي بنائم

                                                                                                                                                                                                                                      وقولهم: نهاره صائم وغير ذلك مما لا يحصى كثرة وإلى هذا ذهب ابن عطية وجماعة وقيل: إن مبصرا للنسب كلابن وتامر أي ذا إبصار إن في ذلك أي في الجعل المذكور أو في الليل والنهار وما في اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان ببعد منزلة المشار إليه وعلو رتبته لآيات أي حججا ودلالات على توحيد الله تعالى كثيرة أو آيات أخر غير ما ذكر لقوم يسمعون 67 أي الحجج مطلقا سماع تدبر واعتبار أو يسمعون هذه الآيات المتلوة ونظائرها المنبهة على تلك الآيات التكوينية الآمرة بالتأمل فيها ذلك السماع فيعملون بمقتضاها وتخصيص هؤلاء بالذكر مع أن الآيات منصوبة لمصلحة الكل لما أنهم المنتفعون بها

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية