الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فإن صلى على أرض فيها نجاسة ، فإن عرف موضعها تجنبها وصلى في غيرها وإن فرش عليها شيئا وصلى عليه جاز ; لأنه غير مباشر للنجاسة ولا حامل لما هو متصل بالنجاسة ، وإن خفي عليه موضع النجاسة ، فإن كانت في أرض واسعة فصلى منها جاز ; لأنه غير متحقق لها ولأن الأصل فيه الطهارة ، وإن كانت النجاسة في بيت وخفي موضعها لم يجز أن يصلي فيه حتى يغسله ومن أصحابنا من قال : يصلي فيه حيث شاء كالصحراء ، وليس بشيء ; لأن الصحراء لا يمكن حفظها من النجاسة ، ولا يمكن غسل جميعها ، والبيت يمكن حفظه من النجاسة وغسله [ فإذا نجس أمكن غسله ، وإذا خفي موضع النجاسة منه غسله كله كالثوب وإن كانت النجاسة في أحد البيتين واشتبها عليه تحرى كما يتحرى في الثوبين ] ) .

                                      [ ص: 160 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 160 ] الشرح ) في هذه القطعة مسائل ( إحداها ) إذا كان على الأرض نجاسة في بيت أو صحراء تنحى عنها وصلى في موضع لا يلاقي النجاسة ، فإن فرش عليها شيئا بحيث لا يلاقيه منها شيء صحت صلاته ، وإن كان الثوب مهلهل النسج فقد سبق حكمه قريبا .

                                      ( الثانية ) إذا خفي عليه موضع النجاسة من أرض إن كانت واسعة صلى في موضع منها بغير اجتهاد ; لأن الأصل طهارته . قال القاضي أبو الطيب وغيره : والمستحب أن ينتقل إلى موضع لا شك فيه ولا يلزمه ذلك ، كما لو علم أن بعض مساجد البلد يبال فيه وجهله فله أن يصلي في أيها شاء . وقال البغوي يتحرى في الصحراء فإن أراد أنه يجب الاجتهاد فهو شاذ مخالف للأصحاب ، وإن أراد أنه مستحب فهو موافق لما حكيناه عن القاضي أبي الطيب وغيره ، وإن كانت صغيرة أو في بيت أو بساط فوجهان ( أصحهما ) لا يجوز أن يصلي فيه لا هجوما ولا باجتهاد حتى يغسله أو يبسط عليه شيئا . ( والثاني ) له أن يصلي فيه حيث شاء ، ودليلهما في الكتاب ، وهذا الثاني ليس بشيء . ثم إن المصنف وشيخه القاضي أبا الطيب وابن الصباغ والشاشي صرحوا بأنه على هذا الثاني يصلي حيث شاء منه بلا اجتهاد ، وقال الشيخ أبو حامد والمحاملي والدارمي والبغوي والرافعي وغيرهم : على هذا الثاني يجتهد فيه ، وهذا أصح .

                                      ( الثالثة ) إذا كانت النجاسة في أحد بيتين تحرى كالثوبين ، فلو قدر على موضع ثالث أو شيء يبسطه أو ماء يغسل به أحدهما ففي جواز الاجتهاد الوجهان في الأواني والثوب الثالث أصحهما الجواز . ذكر المسألة صاحب البيان .



                                      ( فرع ) إذا خفي عليه موضع النجاسة من أرض كبيرة ، أو بيت أو بساط وجوزنا الصلاة عليهما فله أن يصلي صلوات في موضع واحد منه ، وله أن يصلي في موضع حتى يبقى موضع بقدر النجاسة فلا تصح بعد ذلك صلاته في ذلك الموضع ، كمسألة من حلف لا يأكل تمرة فاختلطت بتمر كثير يأكله إلا تمرة ، هكذا ذكر المتولي وقد سبق في الأواني أنه لو اشتبه إناء بأوان غير محصورة فله أن يتوضأ من واحد بعد واحد حتى يبقى واحد في [ ص: 161 ] وجه ، وفي وجه حتى يبقى عدد لو كان الاشتباه فيه ابتداء لم يجز الهجوم فيحتمل أن يجيء الوجهان ويمكن الفرق .




                                      الخدمات العلمية