الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                [ ص: 2 ] كتاب الرضاع ) :

                                                                                                                                قد ذكرنا في كتاب النكاح أن المحرمات نكاحا على التأبيد أنواع ثلاثة : محرمات بالقرابة ، ومحرمات بالصهرية ، ومحرمات بالرضاع وقد بينا المحرمات بالقرابة والصهرية في كتاب النكاح وهذا الكتاب وضع لبيان المحرمات بالرضاع والكلام في هذا الكتاب يقع في ثلاثة مواضع : أحدها في .

                                                                                                                                بيان المحرمات بالرضاع ، والثاني : في بيان صفة الرضاع المحرم ، والثالث : في بيان ما يثبت به الرضاع ( فصل ) :

                                                                                                                                أما الأول : فالأصل أن كل من يحرم بسبب القرابة من الفرق السبع الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه الكريم نصا أو دلالة على ما ذكرنا في كتاب النكاح ; يحرم بسبب الرضاعة إلا أن الحرمة في جانب المرضعة متفق عليها ، وفي جانب زوج المرضعة مختلف فيها .

                                                                                                                                أما تفسير الحرمة في جانب المرضعة فهو أن المرضعة تحرم على المرضع ; لأنها صارت أما له بالرضاع فتحرم عليه لقوله عز وجل { وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم } معطوفا على قوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } فسمى سبحانه وتعالى المرضعة أم المرضع وحرمها عليه ، وكذا بناتها يحرمن عليه سواء كن من صاحب اللبن أو من غير صاحب اللبن من تقدم منهن ومن تأخر ; لأنهن أخواته من الرضاعة وقد قال الله عز وجل { وأخواتكم من الرضاعة } أثبت الله تعالى الأخوة بين بنات المرضعة وبين المرضع والحرمة بينهما مطلقا من غير فصل بين أخت وأخت ، وكذا بنات بناتها وبنات أبنائها وإن سفلن ; لأنهن بنات أخ المرضع وأخته من الرضاعة ، وهن يحرمن من النسب كذا من الرضاعة .

                                                                                                                                ولو أرضعت امرأة صغيرين من أولاد الأجانب صارا أخوين لكونهما من أولاد المرضعة فلا يجوز المناكحة بينهما إذا كان أحدهما أنثى ، والأصل في ذلك أن كل اثنين اجتمعا على ثدي واحد صارا أخوين أو أختين أو أخا وأختا من الرضاعة فلا يجوز لأحدهما أن [ ص: 3 ] يتزوج بالآخر ولا بولده كما في النسب ، وأمهات المرضعة يحرمن على المرضع ; لأنهن جداته من قبل أمه من الرضاعة وآباء المرضعة أجداد المرضع من الرضاعة فيحرم عليهم كما في النسب .

                                                                                                                                وأخوات المرضعة يحرمن على المرضع ; لأنهن خالاته من الرضاعة وإخوتها أخوال المرضع فيحرم عليهم كما في النسب فأما بنات إخوة المرضعة وأخواتها فلا يحرمن على المرضع ; لأنهن بنات أخواله وخالاته من الرضاعة وأنهن لا يحرمن من النسب فكذا من الرضاعة وتحرم المرضعة على أبناء المرضع وأبناء أبنائه وإن سفلوا كما في النسب هذا تفسير الحرمة في جانب المرضعة والأصل في هذه الجملة قول النبي صلى الله عليه وسلم { يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب } فيجب العمل بعمومه إلا ما خص بدليل .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية