الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما منعنا أن نرسل بالآيات الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أحمد ، والبزار ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني [ ص: 386 ] والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في "الدلائل"، والضياء في "المختارة"، عن ابن عباس قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحي عنهم الجبال فيزرعوا، فقيل له : إن شئت أن تستأني بهم، وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم من الأمم . قال : "لا، بل أستأني بهم" . فأنزل الله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والبيهقي في "الدلائل"، عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن لك . قال : "وتفعلون؟" . قالوا : نعم . فدعا، فأتاه جبريل فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول لك : إن شئت أصبح الصفا لهم ذهبا، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة . قال : "بل باب التوبة والرحمة" .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 387 ] وأخرج البيهقي في "الدلائل" عن الربيع بن أنس قال : قال الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن شئتم دعوت الله فأنزلها عليكم، وإن عصيتم هلكتم" . فقالوا : لا نريدها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : قال أهل مكة لنبي الله صلى الله عليه وسلم : إن كان ما تقول حقا، ويسرك أن نؤمن، فحول لنا الصفا ذهبا . فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك، ولكنه إن كان، ثم لم يؤمنوا، لم يناظروا، وإن شئت استأنيت بقومك . قال : "بل أستأني بقومي" . فأنزل الله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون الآية . وأنزل الله : ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون [الأنبياء : 6] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون . قال : رحمة لكم أيتها الأمة؛ إنا لو أرسلنا بالآيات فكذبتم بها، أصابكم ما أصاب من قبلكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن مجاهد في الآية قال : لم تؤت قرية بآية فكذبوا بها إلا عذبوا . وفي قوله : وآتينا ثمود الناقة مبصرة . قال : آية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وأبو الشيخ في "العظمة"، عن ابن عباس في قوله : [ ص: 388 ] وما نرسل بالآيات إلا تخويفا . قال : الموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وأحمد في "الزهد"، وابن أبي الدنيا في "ذكر الموت"، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن الحسن في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا . قال : هو الموت الذريع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في "البعث" عن قتادة في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا . قال : الموت من ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا . قال : إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعتبون، أو يذكرون، أو يرجعون . ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود فقال : يا أيها الناس، إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية