الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وتكره الصلاة في أعطان الإبل ولا تكره في مراح الغنم لما روى عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين } ولأن في أعطان الإبل لا يمكن الخشوع ، لما يخاف من نفورها ، ولا يخاف نفور الغنم ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن رواه البيهقي هكذا من رواية ابن مغفل بإسناد حسن ، ورواه النسائي مختصرا عن ابن مغفل { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في أعطان الإبل ، } وعن جابر بن سمرة { أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال : أصلي في مرابض الغنم ؟ قال : نعم ، قال : أصلي في مبارك الإبل ؟ قال : لا } رواه مسلم ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { صلوا في [ ص: 167 ] مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل } رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وأما الأعطان فهي جمع عطن ، واتفق تفسير الشافعي رحمه الله تعالى في الأم وغيره ، وتفسير الأصحاب على أن العطن الموضع الذي يقرب موضع شرب الإبل ، تنحى إليه الإبل الشاربة ليشرب غيرها ذودا ذودا ، فإذا شربت كلها واجتمعت فيه سيقت إلى المراعي ، قال الأزهري : العطن الموضع الذي تنحى إليه الإبل إذا شربت الشربة الأولى فتترك فيه ، ثم يملأ لها الحوض ثانيا فتعود من عطنها إلى الحوض لتعل وتشرب الشربة الثانية ، وهو العلل ، قال : ولا تعطن الإبل عن الماء إلا في حمارة القيظ ( بتخفيف الميم وتشديد الراء ) قال : وموضعها الذي تترك فيه على الماء يسمى عطنا ، ومعطنا ، وقد عطنت تعطن وتعطن بكسر الطاء وضمها عطونا . وأما مراح الغنم بضم الميم هو مأواها ليلا هكذا فسره أصحابنا . قال الأزهري ويقال : مأواتها فإذا صلى في أعطان الإبل أو مراح الغنم وماس شيئا من أبوالها أو أبعارها أو غيرها من النجاسات بطلت صلاته ، وإن بسط شيئا طاهرا وصلى عليه ، أو صلى في موضع طاهر منه صحت صلاته ، لكن يكره في أعطان الإبل ولا تكره في مراح الغنم وليست الكراهة بسبب النجاسة ، فإنهما سواء في نجاسة البول والبعر وإنما سبب كراهة أعطان الإبل مما ذكره المصنف والأصحاب وهو ما يخاف من نفارها بخلاف الغنم ، فإنها ذات سكينة ولهذا ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما من نبي إلا رعى الغنم } وقال في الإبل { : إنها خلقت من الشياطين } قال الخطابي معناه لما فيها من النفار والشرود وربما أفسدت على المصلي صلاته قال : والعرب تسمي كل مارد شيطانا ، قال أصحابنا : وقد يكون في الغنم مثل عطن الإبل فيكون حكمه حكم عطن الإبل ، وأما مأوى الإبل ليلا فتكره الصلاة فيه أيضا لكن أخف من كراهة العطن .




                                      الخدمات العلمية