الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في "المعرفة"، والبيهقي في "الأسماء والصفات"، عن أنس قال : قيل : يا رسول الله، كيف يحشر الناس على وجوههم؟ قال : "الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم" .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 449 ] وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : " الذين يحشرون على وجوههم " الآية [الفرقان : 34]، فقالوا : يا نبي الله، كيف يمشون على وجوههم؟ قال : "أرأيت الذي أمشاهم على أقدامهم، أليس قادرا على أن يمشيهم على وجوههم؟" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود، والترمذي وحسنه، وابن جرير ، وابن مردويه ، والبيهقي في "البعث"، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف؛ صنف مشاة، وصنف ركبانا، وصنف على وجوههم" . قيل : يا رسول الله، وكيف يمشون على وجوههم؟ قال : "إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والنسائي ، والحاكم وصححه، وابن مردويه ، والبيهقي في "البعث"، عن أبي ذر، أنه تلا هذه الآية : ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما . فقال : حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : "إن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج؛ فوج طاعمين كاسين راكبين، وفوج [ ص: 450 ] يمشون ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والترمذي وحسنه، والنسائي ، وابن مردويه ، والحاكم ، عن معاوية بن حيدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنكم تحشرون رجالا وركبانا، وتجرون على وجوهكم ههنا" . ونحا بيده نحو الشام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : عميا . قال : لا يرون شيئا يسرهم، وبكما . قال : لا ينطقون بحجة، وصما . قال : لا يسمعون شيئا يسرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري في "تاريخه"، وابن مردويه ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تغبطن فاجرا بنعمة؛ فإن من ورائه طالبا حثيثا" . وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 451 ] وأخرج البيهقي في "الشعب" عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدنيا خضرة حلوة، من اكتسب فيها مالا من غير حله، وأنفقه في غير حقه، أحله الله دار الهوان، ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة، يقول الله : كلما خبت زدناهم سعيرا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : مأواهم جهنم : يعني أنهم وقودها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، من طريق علي ، عن ابن عباس في قوله : كلما خبت . قال : سكنت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : كلما خبت زدناهم سعيرا . قال : كلما طفئت أسعرت وأوقدت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في كتاب "الأضداد"، عن ابن عباس في قوله : كلما خبت زدناهم سعيرا . قال : [ ص: 452 ] كلما أحرقتهم سعرتهم حطبا، فإذا أحرقتهم فلم يبق منهم شيء صارت جمرا تتوهج، فذلك خبؤها، فإذا بدلوا خلقا جديدا عاودتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري، عن قتادة في قوله : كلما خبت زدناهم سعيرا . يقول : كلما احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقوا العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : كلما خبت . قال : الخبو الذي يطفأ مرة ويستعر أخرى . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول :

                                                                                                                                                                                                                                      وتخبو النار عن أدنى أذاهم وأضرمها إذا ابتردوا سعيرا



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الأنباري عن أبي صالح في قوله : كلما خبت . قال : معناه كلما حميت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية