الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين

                                                                                                                                                                                                                                      116 - فلولا كان من القرون من قبلكم فهلا كان . هو موضوع للتحضيض ومخصوص بالفعل أولو بقية أولو فضل وخير وسمى الفضل والجودة بقية ؛ لأن الرجل يستبقي مما يخرجه أجوده وأفضله فصار مثلا في الجودة والفضل ، ويقال فلان من بقية القوم أي : من خيارهم ومنه قولهم : "في [ ص: 90 ] الزوايا خبايا وفي الرجال بقايا" ينهون عن الفساد في الأرض عجب محمدا - صلى الله عليه وسلم - وأمته أن لم يكن في الأمم التي ذكر الله إهلاكهم في هذه السورة جماعة من أولي العقل والدين ينهون غيرهم عن الكفر والمعاصي إلا قليلا ممن أنجينا منهم استثناء منقطع أي : ولكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد ، وسائرهم تاركون للنهي ، و"من" في ممن أنجينا للبيان لا للتبعيض ؛ لأن النجاة للناهين وحدهم بدليل قوله أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا واتبع الذين ظلموا أي التاركون للنهي عن المنكر وهو عطف على مضمر أي : إلا قليلا ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا شهواتهم فهو عطف على نهوا ما أترفوا فيه أي : اتبعوا ما عرفوا فيه التنعم والترفه من حب الرياسة والثروة وطلب أسباب العيش الهنيء ورفضوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونبذوه وراء ظهورهم وكانوا مجرمين اعتراض وحكم عليهم بأنهم قوم مجرمون

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية