الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 220 ] زيد بن حارة

التالي السابق


هو الذي ذكر اسمه في القرآن، وكان يحبه النبي صلى الله عليه وسلم ، وتبناه قبل النبوة، وشهد بدرا وما بعدها، وقتل في غزوة مؤتة وهو أمير .

وجاء عن عائشة: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سرية إلا أمره عليهم، ولو بقي لاستخلفه، أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة، وإسناده قوي .

وجاء: أنه استخلفه على المدينة في بعض أسفاره، وآخى بينه وبين حمزة

وقصته أنه خرجت به أمه زائرة قومها، فأغارت خيل، فاحتملوا زيدا وهو غلام، فأتوا به سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربع مئة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهبته له، وكان أبوه حارثة قال:

بكيت على زيد فلم أدر ما فعل أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل في أبيات، ثم حج ناس منهم، فعرفوه، فأعلموا أباه، فخرج حارثة وكعب أخوه بفدائه، فقدما مكة، فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يا ابن عبد المطلب يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عندك، فامنن علينا، وأحسن في فدائه; فإنا سنرفع لك، قال: "وما ذاك "، قالوا: زيد بن حارثة، فقال: "أو غير [ ص: 221 ] ذلك؟ ادعوه فخيروه، فإن اختاركم، فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني، فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء". قالوا: زدتنا على النصف، فدعاه فقال: "هل تعرف هؤلاء؟ "، قال: نعم، هذا أبي، وهذا عمي، قال: "فأنا من قد علمت، وقد رأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما"، فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد، أتختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟! قال: نعم، إني رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، أخرجه إلى الحجر، فقال: "اشهدوا أن زيدا ابني، يرثني وأرثه "، فلما رأى ذلك أبوه وعمه، طابت أنفسهما، وانصرفا، فدعي: زيد بن محمد حتى جاء الله تعالى بالإسلام .

* * *




الخدمات العلمية