الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله عز ذكره ( فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق )

قال أبو جعفر : وهذا أمر من الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم بين المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهل الملل بكتابه الذي أنزله إليه ، وهو القرآن الذي خصه بشريعته . يقول تعالى ذكره : احكم يا محمد ، بين أهل الكتاب والمشركين بما أنزل إليك من كتابي وأحكامي في كل ما احتكموا فيه إليك ، من الحدود والجروح والقود والنفوس ، فارجم الزاني المحصن ، واقتل النفس القاتلة بالنفس المقتولة ظلما ، وافقأ العين بالعين ، واجدع الأنف بالأنف ، فإني أنزلت إليك القرآن مصدقا في ذلك ما بين يديه من الكتب ، ومهيمنا عليه رقيبا ، يقضي على ما قبله من سائر الكتب قبله ، ولا تتبع أهواء هؤلاء اليهود الذين [ ص: 383 ] يقولون : إن أوتيتم الجلد في الزاني المحصن دون الرجم ، وقتل الوضيع بالشريف إذا قتله ، وترك قتل الشريف بالوضيع إذا قتله فخذوه ، وإن لم تؤتوه فاحذروا عن الذي جاءك من عند الله من الحق ، وهو كتاب الله الذي أنزله إليك . يقول له : اعمل بكتابي الذي أنزلته إليك إذا احتكموا إليك فاخترت الحكم عليهم ، ولا تتركن العمل بذلك اتباعا منك أهواءهم ، وإيثارا لها على الحق الذي أنزلته إليك في كتابي ، كما : -

12124 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " فاحكم بينهم بما أنزل الله " ، يقول : بحدود الله " ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق " .

12125 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا هارون ، عن عنبسة ، عن جابر ، عن عامر ، عن مسروق : أنه كان يحلف اليهودي والنصراني بالله ، ثم قرأ : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) [ سورة المائدة : 49 ] ، وأنزل الله : ( ألا تشركوا به شيئا ) [ سورة الأنعام : 151 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية