الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1289 ] سياق ما روي في كيف السحر

                    2279 - أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال : نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال : نا الربيع بن سليمان قال : نا عبد الله بن وهب قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت :

                    " قدمت علي امرأة من أهل دومة الجندل ، جاءت تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك ، تسأل عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعلم ، قالت عائشة لعروة : يا ابن أخي فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفيها ، فكانت تبكي حتى إني لأرحمها تقول : إني أخاف أن أكون قد هلكت ، كان لي زوج فغاب عني فدخلت علي عجوز فشكوت ذلك إليها ، فقالت : إن فعلت ما آمرك فأجعله يأتي ، فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين ، فركبت أحدهما ، وركبت الآخر ، فلم يك كشيء حتى دفعنا ببابل ، فإذا برجلين معلقين بأرجلهما ، فقالا : ما جاء بك ؟ فقلت : أتعلم السحر ، فقالا : إنما نحن فتنة فلا تكفري وارجعي ، فأبيت وقلت : لا ، فقالا : اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ، فذهبت ففزعت ، ولم تفعل ، فرجعت إليهما فقالا : أفعلت ؟ فقلت : نعم ، فقالا : هل رأيت شيئا ؟ ، قلت : لم أر شيئا ، فقالا : لم تفعلي ، فارجعي إلى بلادك ، ولا تكفري ، فأردت وأبيت ، فقالا : اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ، فذهبت فاقشعر جلدي ، فرجعت إليهما ، فقلت : قد فعلت ، فقالا : ما رأيت ؟ فقلت : لم أر شيئا ، فقالا : كذبت ، لم تفعلي ، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري ، فإنك على رأس أمرك ، فأردت وأبيت ، فقالا : اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ، فذهبت فبلت فيه ، فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج مني ، حتى ذهب إلى السماء ، وغاب عني ، حتى ما [ ص: 1290 ] أراه فجئتهما ، فقلت : قد فعلت ، فقالا : فما رأيت ؟ قلت : رأيت فارسا مقنعا بحديد خرج مني ، فذهب في السماء ، حتى ما أراه ، فقالا : صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي ، فقلت للمرأة : والله ما أعلم شيئا ، وما قالا لي شيئا ، فقلت : بلى؛ لن تريدي شيئا إلا كان ، خذي هذا القمح فابذري ، فبذرت فقلت : اطلعي ، فطلع ، فقلت : احقلي فاحقلت ، ثم قلت : افركي ففركت ، ثم قلت : ايبسي ، فيبست ، ثم قلت : اطحني فطحنت ، ثم قلت : اخبزي فتخبزت ، فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان ، سقط في يدي ، وندمت والله يا أم المؤمنين ، فما فعلت شيئا ، ولا أفعله أبدا . فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون ، فما دروا ما يقولون لها وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه إلا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده : لو كان أبواك حيين أو أحدهما قال هشام : فلو جاءتنا اليوم أفتيناها بالضمان قال ابن أبي الزناد : وكان هشام يقول : " إنهم قد كانوا أهل ورع وخشية من الله وبعد من التكليف والجرأة على الله ، ثم يقول هشام : لكنها لو جاءت ، لوجدت نوكى حمقى وتكلف بغير علم .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية