الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ذكر زراديشت]

ويقال: زرادشت بن سقيمان ، وقيل: ابن حركان بعد ثلاثين سنة من ملك بشتاسب ، وهو الذي يزعم المجوس أنه نبيهم .

وقد زعم بعض أهل الكتاب أنه كان خادما لبعض تلامذة أرمياء النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه كان خاصا به ، فخانه وكذب عليه ، فدعا الله عليه فبرص ، فلحق بأذربيجان ، وشرع بها دين المجوسية ، ثم خرج منها متوجها نحو بشتاسب ، وهو ببلخ . [ ص: 413 ]

فلما قدم عليه ادعى النبوة وأراده على قبول دينه فامتنع من ذلك ثم صدقه ، وقبل ما دعاه إليه ، وأتاه به من كتاب ادعاه وحيا ، فكتب في جلد اثني عشر ألف بقرة حفرا في الجلود ، ونقشا بالذهب ، وصير بشتاسب ذلك في موضع من إصطخر ، ووكل به الهرابذة ، ومنع تعليمه العامة ، وألزم رعيته بقبول قول زرادشت ، وقتل منهم مقتلة عظيمة حتى قبلوا ذلك ودانوا به ، وبنى بالهند بيوت النيران ، وتنسك وتعبد .

وقال عمرو بن بحر الجاحظ: جاء زرادشت من بلخ ، وهو صاحب المجوس ، وادعى أن الوحي نزل عليه على جبل سيلان ، فدعا [أهل] تلك النواحي الباردة الذين لا يعرفون إلا البرد ، وجعل الوعيد يضاعف البرد ، وأقر بأنه لم يبعث إلا إلى أهل الجبال فقط ، وشرع لأصحابه التوضؤ بالأبوال ، وغشيان الأمهات ، وتعظيم النيران ، مع أمور سمجة .

قال: ومن قول زرادشت: كان الله وحده ولا شيء معه ، فلما طالت وحدته فكر فتولد من فكره إبليس ، فلما مثل بين يديه أراد قتله فامتنع منه ، فلما رأى امتناعه وادعه إلى مدة ، وسالمه إلى غاية .

وما زال مذهب زرادشت معمولا به إلى زمان كسرى أنوشروان ، فإنه هو الذي منع من اتباع ملة زرادشت ، وقد ذكرنا أنه كان للمجوس نبي وكتاب إلا أنه لا يتحقق متى كان ذلك .

وقد أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي ، قال: أخبرنا علي بن منصور بن علان (ح)

وأخبرتنا فاطمة بنت الحسين بن الحسن الرازي ، قالت: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، قال: أخبرنا أبو العباس الأصم ، قال: حدثنا الربيع بن سليمان ، قال: حدثنا الشافعي ، قال: حدثنا سفيان ، عن سعيد بن المرزبان ، عن بخت نصر بن عاصم ، قال: قال فروة بن نوفل: على ما تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل كتاب ، فقام إليه المستورد فأخذ [ ص: 414 ] يلبيه ، وقال: يا عدو الله ، تطعن على أبي بكر وعمر وعلى أمير المؤمنين - يعني عليا- وقد أخذوا منهم الجزية ، فذهب به إلى القصة ، فخرج إليهم علي رضي الله عنه ، فقال: اتئدا! أنا أعلم الناس بالمجوس ، كان لهم علم يعلمونه ، وكتاب يدرسونه ، وإن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أمه فاطلع عليه بعض أهل مملكته ، فلما صحا جاءوا يقيمون عليه الحد ، فامتنع منهم ، فدعا أهل مملكته ، فقال: تعلمون دينا خيرا من دين آدم ، قد كان آدم ينكح بنيه من بناته ، فأنا على دين آدم ، وما يرغب بكم عن دينه .

فتابعوه وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم ، فأصبحوا وقد أسري على كتابهم فرفع بين أظهرهم ، وهم أهل كتاب ، وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر منهم الجزية .

أنبأنا أبو غالب الماوردي ، قال: أخبرنا أبو علي التستري ، قال: أخبرنا أبو عمرو الهاشمي ، قال: أخبرنا أبو علي اللؤلؤي ، قال: حدثنا أبو داود السجستاني ، قال: حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، قال: حدثنا محمد بن بلال ، عن عمران القطان ، عن أبي حمزة ، عن ابن عباس ، قال: إن أهل فارس لما مات نبيهم كتب لهم إبليس المجوسية .

التالي السابق


الخدمات العلمية