الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        45 - الحديث الثاني : عن عائشة رضي الله عنها قالت لقد { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر ، فيشهد معه نساء من المؤمنات ، متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد ، من الغلس } .

                                        التالي السابق


                                        " المروط " أكسية معلمة ، تكون من خز . وتكون من صوف و " متلفعات " ملتحفات ، و " الغلس " اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل .

                                        وفي هذا الحديث حجة لمن يرى التغليس في صلاة الفجر ، وتقديمها في أول الوقت ، لا سيما مع ما روي من طول قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح . وهذا . مذهب مالك والشافعي . وخالف أبو حنيفة . ورأى أن الإسفار بها أفضل ، لحديث ورد فيه { أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر } وفيه دليل على شهود النساء الجماعة بالمسجد مع الرجال وليس في الحديث ما يدل على كونهن عجزا أو شواب . وكره بعضهم الخروج للشواب .

                                        وقولها " متلفعات " بالعين ، ويروى " متلففات " بالفاء . والمعنى [ ص: 167 ] متقارب : إلا أن " التلفع " يستعمل مع تغطية الرأس . قال ابن حبيب : لا يكون الالتفاع إلا بتغطية الرأس ، واستأنسوا لذلك بقول عبيد بن الأبرص :

                                        كيف ترجون سقوطي بعدما لفع الرأس بياض وصلع

                                        ؟ واللفاع : ما التفع به . واللحاف : ما التحف به . وقد فسر المصنف " المروط " بكونها أكسية من صوف أو خز . وزاد بعضهم في صفتها : أن تكون مربعة . وقال بعضهم : إن سداها من شعر . وقيل : إنه جاء مفسرا في الحديث على هذا . وقالوا : إن قول امرئ القيس :

                                        على أثرينا ذيل مرط مرجل

                                        قالوا " المرط " هاهنا من خز . وفسر " الغلس " بأنه اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل . و " الغلس " والغبش متقاربان . والفرق بينهما : أن الغلس في آخر الليل . وقد يكون الغبش في آخره وأوله ، وأما من قال " الغبس " بالغين والباء والسين المهملة - فغلط عندهم .




                                        الخدمات العلمية