[ ص: 1903 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=29758_29045nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=1يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ nindex.php?page=treesubj&link=31037_32026_29045nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=2قُمْ فَأَنْذِرْ nindex.php?page=treesubj&link=33105_34513_29045nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=3وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ nindex.php?page=treesubj&link=1336_29045nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=4وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ nindex.php?page=treesubj&link=34189_29045nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=5وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ nindex.php?page=treesubj&link=18877_23515_32412_29045nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ nindex.php?page=treesubj&link=19570_34513_29045nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=7وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ
تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُزَّمِّلَ وَالْمُدَّثِّرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَأَنَّ اللَّهَ أَمْرَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالِاجْتِهَادِ فِي عِبَادَاتِ اللَّهِ الْقَاصِرَةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ، فَتَقَدَّمَ هُنَاكَ الْأَمْرُ لَهُ بِالْعِبَادَاتِ الْفَاضِلَةِ الْقَاصِرَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَى قَوْمِهِ، وَأَمَرَهُ هُنَا بِإِعْلَانِ الدَّعْوَةِ ، وَالصَّدْعِ بِالْإِنْذَارِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=2قُمْ أَيْ بِجِدٍّ وَنَشَاطٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=2فَأَنْذِرْ النَّاسَ بِالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْمَقْصُودُ، وَبَيَانِ حَالِ الْمُنْذَرِ عَنْهُ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لِتَرْكِهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=3وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أَيْ: عَظِّمْهُ بِالتَّوْحِيدِ، وَاجْعَلْ قَصْدَكَ فِي إِنْذَارِكَ وَجْهِ اللَّهِ، وَأَنْ يُعَظِّمَهُ الْعِبَادُ وَيَقُومُوا بِعِبَادَتِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=4وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّيَابِ، أَعْمَالُهُ كُلُّهَا، وَبِتَطْهِيرِهَا تَخْلِيصُهَا وَالنُّصْحُ بِهَا، وَإِيقَاعُهَا عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَتَنْقِيَتِهَا عَنِ الْمُبْطِلَاتِ وَالْمُفْسِدَاتِ، وَالْمُنْقِصَاتِ مِنْ شَرٍّ وَرِيَاءٍ، وَنِفَاقٍ ، وَعَجَبٍ، وَتَكَبُّرٍ، وَغَفْلَةٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا يُؤْمَرُ الْعَبْدُ بِاجْتِنَابِهِ فِي عِبَادَاتِهِ.
وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=1336تَطْهِيرُ الثِّيَابِ مِنَ النَّجَاسَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ التَّطْهِيرِ لِلْأَعْمَالِ خُصُوصًا فِي الصَّلَاةِ، الَّتِي قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْهَا شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِثِيَابِهِ، الثِّيَابُ الْمَعْرُوفَةُ، وَأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَطْهِيرِهَا عَنْ جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ، فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، خُصُوصًا فِي الدُّخُولِ فِي الصَّلَوَاتِ، وَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِطَهَارَةِ الظَّاهِرِ، فَإِنَّ طَهَارَةَ الظَّاهِرِ مِنْ تَمَامِ طَهَارَةِ الْبَاطِنِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=5وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّجْزِ الْأَصْنَامُ وَالْأَوْثَانُ، الَّتِي عُبِدَتْ مَعَ اللَّهِ، فَأَمَرَهُ بِتَرْكِهَا، وَالْبَرَاءَةَ مِنْهَا وَمِمَّا نُسِبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّجْزِ أَعْمَالُ الشَّرِّ كُلُّهَا وَأَقْوَالُهُ، فَيَكُونُ أَمْرًا لَهُ بِتَرْكِ الذُّنُوبِ، صَغِيرِهَا
[ ص: 1904 ] وَكِبَارِهَا ، ظَاهِرِهَا وَبَاطِنِهَا، فَيَدْخُلُ فِي هَذَا الشِّرْكُ فَمَا دُونَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ أَيْ:
nindex.php?page=treesubj&link=23515لَا تَمْنُنْ عَلَى النَّاسِ بِمَا أَسْدَيْتَ إِلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، فَتَسْتَكْثِرُ بِتِلْكَ الْمِنَّةِ، وَتَرَى لَكَ الْفَضْلَ عَلَيْهِمْ بِإِحْسَانِكِ الْمِنَّةِ، بَلْ أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ مَهْمَا أَمْكَنَكَ، وَانْسَ عِنْدَهُمْ إِحْسَانَكَ، وَاطْلُبْ أَجْرَكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَاجْعَلْ مَنْ أَحْسَنَتْ إِلَيْهِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى هَذَا، لَا تُعْطِ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ يُكَافِئَكَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَيَكُونُ هَذَا خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=7وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ أَيِ:
nindex.php?page=treesubj&link=19572احْتَسِبْ بِصَبْرِكَ، وَاقْصُدْ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، فَامْتَثَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَمْرِ رَبِّهِ، وَبَادَرَ فِيهِ، فَأَنْذَرَ النَّاسَ، وَأَوْضَحَ لَهُمْ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ جَمِيعَ الْمَطَالِبِ الْإِلَهِيَّةِ، وَعِظَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَدَعَا الْخَلْقَ إِلَى تَعْظِيمِهِ، وَطَهَّرَ أَعْمَالَهُ الظَّاهِرَةَ وَالْبَاطِنَةَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَهَجَرَ كُلَّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا يُعْبَدُ مَعَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَأَهْلِهَا، وَالشَّرِّ وَأَهْلِهِ، وَلَهُ الْمِنَّةُ عَلَى النَّاسِ -بَعْدَ مِنَّةِ اللَّهِ- مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا، وَصَبَرَ لِرَبِّهِ أَكْمَلَ صَبْرٍ، فَصَبَرَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَعَنْ مَعَاصِيهِ، وَصَبَرَ عَلَى أَقْدَارِهِ الْمُؤْلِمَةِ ، حَتَّى فَاقَ أُولِي الْعَزْمِ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.