الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      20- سورة طه .

                                                                                                                                                                                                                                      مكية أخرج النحاس ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : نزلت سورة طه بمكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن الزبير قال : نزلت سورة " طه " بمكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الدارمي ، وابن خزيمة في " التوحيد " والعقيلي في " الضعفاء " والطبراني في " الأوسط " ، وابن عدي ، وابن مردويه ، والبيهقي في " الشعب " عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تبارك وتعالى قرأ " طه " و " يس " قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل عليها هذا، وطوبى لأجواف تحمل هذا، وطوبى لألسنة تتكلم بهذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الديلمي عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت [ ص: 153 ] السورة التي ذكرت فيها " الأنعام " من الذكر الأول، وأعطيت " طه " و " الطواسين " من ألواح موسى، وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم " البقرة " من تحت العرش، وأعطيت المفصل نافلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل قرآن يوضع عن أهل الجنة فلا يقرءون منه شيئا إلا سورة " طه " و " يس " فإنهم يقرءون بهما في الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى الآية

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في " شعب الإيمان " ، وابن عساكر ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه الوحي كان يقوم على صدر قدميه إذا صلى، فأنزل الله : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، وابن جرير ، عن ابن عباس قال : قالوا : لقد شقي هذا الرجل بربه، فأنزل الله : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يربط نفسه بحبل كي لا ينام، فأنزل الله : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 154 ] وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يربط نفسه ويضع إحدى رجليه على الأخرى، فنزلت : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار بسند حسن عن علي قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يراوح بين قدميه ، يقوم على رجل، حتى نزلت : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن علي قال : لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا [ المزمل : 1 ، 2 ] قام الليل كله حتى تورمت قدماه، فجعل يرفع رجلا ويضع رجلا فهبط عليه جبريل فقال : ( طه ) يعني : طأ الأرض بقدميك يا محمد : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وأنزل : فاقرءوا ما تيسر من القرآن [ المزمل : 20 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل الله : ( طه ) يعني طأ الأرض يا محمد : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 155 ] وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : طه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما قرأ القرآن إذا صلى، فقام على رجل واحدة، فأنزل الله : ( طه ) برجليك : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما أنزل الله القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم قام به وأصحابه، فقال كفار قريش : ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى به ، فأنزل الله : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : طه قال : يا رجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحارث بن أبي أسامة ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : ( طه ) بالنبطية أي : طأ يا رجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : ( طه ) قال : هو كقولك : افعل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : ( طه ) بالنبطية؛ يا رجل .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 156 ] وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : طه يا رجل بالنبطية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك قال : ( طه ) يا رجل بالنبطية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال : طه يا رجل بالسريانية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم ، عن ابن عباس في قوله : طه قال : هو كقولك : يا محمد بلسان الحبش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : طه قال : هو كقولك : يا رجل : بلسان الحبشة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : طه قال : كلمة عربت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : طه فواتح السور .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عن محمد بن كعب : طه قال : الطاء من ذي الطول .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي عند ربي عشرة أسماء . قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية : محمد ، وأحمد وأبو القاسم والفاتح والخاتم والماحي والعاقب والحاشر وزعم سيف أن أبا [ ص: 157 ] جعفر قال : الاسمان الباقيان : ( طه ) و ( يس ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، وابن مردويه ، عن زر قال : قرأ رجل على ابن مسعود : طه مفتوحة . فأخذها عليه عبد الله : ( طه ) مكسورة فقال له الرجل : إنما يعني ضع رجلك ، فقال عبد الله : هكذا قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا أنزلها جبريل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن عائشة قالت : أول سورة تعلمتها من القرآن : طه وكنت إذا قلت : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا شقيت يا عائش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في " الدلائل " عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى قال : يا رجل، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . وكان يقوم الليل على رجليه، فهي لغة لعك؛ إن قلت لعكي : يا رجل، لم يلتفت، وإذا قلت : طه التفت إليك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن قرة بن خالد قال : سمعت الضحاك، وقال رجل من بني مازن بن مالك : ما يخفى علي شيء من القرآن . وكان قارئا للقرآن [ ص: 158 ] شاعرا، فقال له الضحاك : أنت تقول ذلك؟ أخبرني ما : طه قال : هي من أسماء الله الحسنى ، نحو : " طسم " و " حم " فقال الضحاك : إنما هي بالنبطية : يا رجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : طه قسم أقسمه الله وهو من أسماء الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى يقول : في الصلاة، هي مثل قوله : فاقرءوا ما تيسر منه [ المزمل : 20 ] قال : وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن قتادة : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى قال : لا والله، ما جعله الله شقيا، ولكن جعله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة : إلا تذكرة لمن يخشى قال : إن الله أنزل كتابه، وبعث رسله رحمة يرحم بها العباد؛ ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما يسمع من كتاب الله، وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية