الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب العشرون

                                                                                                                                                                                                                              في صفة عيشه في الدنيا صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، والبخاري ، ومسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان يأتي علينا الشهر وما نوقد فيه نارا ، إنما هو التمر والماء ، إلا أن نؤتى باللحم .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية : ما شبع آل محمد من خبز بر ثلاثة . وفي رواية : أيام متتابعات ، حتى قبض صلى الله عليه وسلم . وفي رواية : ما أكل آل محمد أكلتين في يوم واحد إلا إحداهما تمر . وفي رواية : أنها كانت تقول لعروة : يا ابن أختي ، إنا لننظر إلى الهلال ، ثم الهلال ، ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين ، وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ، قلت : يا خالة فما كان يعيشكم ؟ قالت : الأسودان : التمر والماء ، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار ، وكانت لهم منائح ، وكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها ، فيسقيناه .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شبع الناس من الأسودين ، التمر والماء .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية ، قالت : ما شبعنا من الأسودين التمر والماء .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية لمسلم ، والإمام أحمد وابن سعد ، قالت : والله لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية عند الإمام أحمد أنها كانت تقول لعروة : وايم الله ، يا ابن أختي إن كان يمر على آل محمد الشهر لم يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ، لا يكون إلا أن حوالينا أهل دور من الأنصار -جزاهم الله خيرا في الحديث والقديم- فكل يوم يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزيرة شياههم ، فينال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ولقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في رفي من طعام يأكله ذو كبد إلا قريبا من شطر شعير ، فأكلت منه حتى طال علي ، لا تغني وكلته عني ، فيا ليتني لم آكله ، وايم الله : وكان ضجاعه من أدم حشوه ليف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عساكر عنها قالت : ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم غداء لعشاء ، ولا عشاء لغداء قط ، ولا اتخذ من شيء زوجين لا قميصين ، ولا رداءين ، ولا إزارين ، ولا من النعال ، ولا رئي فارغا قط في بيته ، إما يخصف نعلا لرجل مسكين أو يخيط ثوبا لأرملة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم ، والترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : والذي نفسي بيده ، ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة ، حتى فارق الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 93 ] وروى الترمذي رضي الله تعالى عنه قال : ما كان يفضل عند أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خبز الشعير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال ثقات غير سليمان بن رومان بنحو رجاله عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما رأى منخلا ، ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله إلى أن قبض ، قيل ، كيف كنتم تصنعون ؟ قالت : كنا نقول أف أف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال : لم يكن ينخل لرسول الله صلى الله عليه وسلم دقيق قط .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار -بسند جيد- عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع هو ولا أهله من خبز الشعير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شبعتين حتى فارق الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى برجال الصحيح غير طلحة النضري مولى عبد الله بن الزبير -فيجر رجاله- عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قميص القطن .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الأوسط -بسند حسن- عنها قالت : ما كان يبقى على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير قليل ولا كثير . وفي رواية عنه : ما رفعت مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه وعليها فضلة من طعام قط .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري ومسلم والبيهقي عنها قالت : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا حتى مضى لسبيله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وابن سعد والترمذي -وصححه- عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيت الليالي المتتابعة طاويا ، وأهله لا يجدون عشاء ، وكان عامة خبزهم خبز الشعير .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 94 ] وروى الإمام أحمد وابن سعد والترمذي -وصححه- عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : ما كان يفضل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خبز الشعير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ما أكل محمد صلى الله عليه وسلم في يوم أكلتين إلا إحداهما تمر . وفي رواية : ما شبع محمد من خبز مأدوم حتى لقي الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم والبيهقي عن سماك بن حرب قال : سمعت النعمان بن بشير يقول : ألستم في طعام وشراب ما شئتم ، لقد سمعت ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول : لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم يلتوي من الجوع ، وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن عمران بن حصين : ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز مأدوم حتى مضى لسبيله .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني عنه قال : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غداء وعشاء حتى لقي ربه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وابن سعد وأبو داود ، والحارث بن أبي أسامة -برجال ثقات- عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن فاطمة رضي الله تعالى عنها جاءت بكسرة خبز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «ما هذه الكسرة ؟ » قالت : قرصة خبزتها ، فلم تطب نفسي إلا أن آتيك بهذه الكسرة ، فقال : «أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن ابن مسعود ، وأبو داود الطيالسي ، وابن سعد عن واثلة بن الأسقع قال أضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا ، فأرسل إلى أزواجه يبتغي عندهن طعاما ، فلم يجد عند واحدة منهن شيئا ، فقال : «اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك ، فإنه لا يملكها إلا أنت» فأهديت إليه شاة مصلية ورغف ، فأكل منها أهل الصفة حتى شبعوا ، فقال : «إنا سألنا الله تعالى من فضله ورحمته ، فهذا فضله ، وقد ادخر لنا رحمته» وفي لفظ : ونحن ننتظر الرحمة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عساكر عن مسروق قال : دخلت على عائشة يوما ، فدعت بطعام فقالت لي : كل فلقل ما أشبع من طعام ، فأشاء أن أبكي إلا بكيت ، قال : قلت : لم يا أم المؤمنين ؟ قالت : أذكر الحال التي فارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مرتين من خبز شعير -وفي لفظ : خبز بر- حتى لحق بالله .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 95 ] وروى عنها قالت : ما شبع آل محمد ثلاثة أيام من خبز البر حتى ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت ، وما زالت الدنيا علينا عسرة كدرة حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مات انصبت علينا صبا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة ، والإمام أحمد ، وأبو يعلى ، والترمذي في الشمائل ، وابن سعد -بإسناد صحيح- عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني ، واللفظ له ، والبزار -ورواته ثقات- عن طلحة بن عمرو ، والطبراني عن فضالة الليثي رضي الله تعالى عنهما قالا : كان الرجل إذا قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن له عريف في المدينة نزل بأصحاب الصفة ، قال الأول : وكان لي بها قرناء ، وقال الثاني : نزلت الصفة ، قال الأول : فكان يجري علينا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم اثنين مدان من تمر ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الصلوات إذ ناداه مناد . وقال الثاني : يوم الجمعة ، فقال : يا رسول الله أحرق بطوننا التمر وتخرقت عنا الخنف . فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم ذكر ما لقي من قومه من الشدة ، قال : «مكثت أنا وصاحبي بضعة عشر يوما ما لنا طعام غير البرير حتى قدمنا على إخواننا من الأنصار ، فواسونا في طعامهم ، ومعظم طعامهم التمر واللبن ، والذي لا إله إلا هو لو أجد لكم الخبز واللحم لأطعمتكموه دثورا» الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : لو أردت أن أخبركم بكل شبعة شبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات ، لفعلت .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عنها قالت : إنه ليأتي على آل محمد الشهر ما يختبزون خبزا ولا يطبخون طبخا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد والإمام أحمد برجال الصحيح ، وابن عساكر وابن الجوزي عنها قالت : أهديت لنا ذات يوم يد شاة من بيت أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، فوالله إني لأمسكها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحزها ، أو يمسكها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحزها ، قيل : على غير مصباح ؟ قالت : لو كان عندنا دهن مصباح لأكلناه ، إن كان ليأتي على آل محمد الشهر ما يخبزون فيه خبزا ، ولا يطبخون فيه برمة . [ ص: 96 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو ولا أهله من خبز الشعير .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عنه قال : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكسر اليابسة ، حتى فارق الدنيا ، وأصبحتم تهذرون الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي الدنيا عن أم أيمن رضي الله تعالى عنها أنها غربلت دقيقا تصنعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «ما هذا ؟ » قالت : طعام نصنعه في أرضنا ، فأحببت أن أصنع لك رغيفا ، قال : «رديه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك وابن سعد عن الحسن رحمه الله تعالى قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : «والله ما أمسى في آل محمد صاع من طعام لتسعة أبياته ، والله ما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم استقلالا لرزق الله تعالى ، ولكن أراد أن تتأسى به أمته» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم والبخاري ، وأبو الشيخ ، والبرقاني عن قتادة عن أنس قال : مشيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وله هالة ولقد سمعته يقول : «ما أصبح لآل محمد ولا أمسى في آل محمد إلا صاع ، وإنهن يومئذ لتسعة أبيات» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وابن سعد عن نوفل بن إياس الهذلي قال : أتينا في بيت عبد الرحمن بن عوف بصحيفة فيها خبز ولحم ، فلما وضعت بكى عبد الرحمن ، قلت : ما يبكيك ؟ فقال : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو ولا أهله من خبز الشعير ، ولا أرانا أخرنا لما هو خير لنا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : شهدت وليمة للنبي صلى الله عليه وسلم ما فيها خبز ولا لحم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه مر بالمغيرة بن شعبة وهو يطعم الطعام ، فقال : ما هذا الطعام ؟ قال : خبز النقي واللحم للمسلمين قال : وما النقي ؟ قال : الدقيق ، فعجب أبو هريرة ، ثم قال : عجبا لك يا مغيرة ، رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضه الله تعالى وما شبع من الخبز والزيت مرتين في يوم ، وأنت وأصحابك تهذرون ههنا الدنيا بينكم ونقد بإصبعه ، يقول : كأنكم صبيان .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو بشر محمد بن أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : لقد رأيتنا نحبس [ ص: 97 ] الكراع يعني من لحوم الأضاحي ، فنأكله بعد خمسة عشر يوما ، قال عابس : فقلت : فما كان يحملكم على ذلك ؟ فضحكت ، وقالت : ما شبع آل محمد من خبز البر مأدوما يومين ، حتى لحق بالله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك عن يزيد الرقاشي قال : قدم على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وفد من قبل البصرة فيهم الأحنف بن قيس ، فرأوا طعاما خشنا وثوبين خلقين ، فكلموا حفصة أن تكلمه في ذلك ، فكلمته ، فجعل عمر رضي الله تعالى عنه يناشدها الله ، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث عشرين سنة لم يشبع من خبز الشعير ؟ لم يشبع ثلاثين يوما تباعا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبعنا من الأسودين .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد والدارقطني في الأفراد ، وصححه عن أبي حازم قال : قلت لسهل بن سعد : أكانت المناخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما رأيت منخلا في ذلك الزمان ، وما أكل النبي صلى الله عليه وسلم الشعير منخولا حتى فارق الدنيا ، فإن قلت : كيف تصنعون ؟ قال : «كنا نطحنها ، ثم ننفخ قشرها ، فيطير ما طار ، ويتمسك ما استمسك» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي يومه من الجوع ، ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد ، والإمام أحمد وأبو يعلى وابن أبي شيبة في المصنف عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه قال : احمدوا الله عز وجل فربما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم يظل يلتوي ما يشبع من الدقل .

                                                                                                                                                                                                                              ولفظ ابن أبي شيبة : ألستم في طعام وشراب ما شئتم ، فقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد الدقل ما يملأ به بطنه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي الدنيا وأبو سعد الماليني وأبو الحسن بن الضحاك ، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسا ، قلت : يا رسول الله ما أصابك ؟ قال : «الجوع» ، فبكيت قال : «لا تبك يا أبا هريرة ، فإن شدة الجوع لا تصيب الجائع -يعني يوم القيامة- إذا احتسب في دار الدنيا» .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 98 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مرتين ، حتى لقي الله تعالى ، ولا رفعنا له فضل طعام عن شبع ، حتى لقي الله ، إلا أن يرفعه لغائب ، فقيل لها : ما كانت معيشتكم ؟ قالت : الأسودان الماء والتمر ، قالت : وكان لنا جيران من الأنصار لهم ربائب منائح يسقونا من لبنها ، جزاهم الله تعالى خيرا .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان والإمام أحمد وابن سعد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدموا المدينة ثلاثة أيام تباعا ، حتى مضى لسبيله . زاد ابن سعد والإمام أحمد : وما رفع عن مائدته كسرة قط حتى قبض .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو داود الطيالسي ، ومسلم ، وابن سعد عنها قالت : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين ، حتى قبض . زاد ابن سعد : وإن كان ليهدى لنا قناع فيه كعب من إهالة فنفرح به .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية