الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 1946 ] تفسير سورة المطففين

                                                                                                                                                                                                                                        وهي مدنية

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين

                                                                                                                                                                                                                                        ويل كلمة عذاب، وعقاب للمطففين

                                                                                                                                                                                                                                        وفسر الله المطففين بأنهم الذين إذا اكتالوا على الناس أي: أخذوا منهم وفاء عما ثبت لهم قبلهم يستوفونه كاملا من غير نقص. وإذا كالوهم أو وزنوهم أي: إذا أعطوا الناس حقهم، الذي لهم عليهم بكيل أو وزن، يخسرون أي: ينقصونهم ذلك، إما بمكيال وميزان ناقصين، أو بعدم ملء المكيال والميزان، أو نحو ذلك. فهذا سرقة لأموال الناس ، وعدم إنصاف لهم منهم. وإذا كان هذا وعيدا على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان، فالذي يأخذ أموالهم قهرا أو سرقة، أولى بهذا الوعيد من المطففين.

                                                                                                                                                                                                                                        ودلت الآية الكريمة، على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد منهما يحرص على ما له من الحجج، فيجب عليه أيضا أن يبين ما لخصمه من الحجة التي لا يعلمها ، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه، وتواضعه من كبره، وعقله من سفهه، نسأل الله التوفيق لكل خير.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 1947 ] ثم توعد تعالى المطففين، وتعجب من حالهم وإقامتهم على ما هم عليه، فقال: ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين فالذي جرأهم على التطفيف عدم إيمانهم باليوم الآخر، وإلا فلو آمنوا به، وعرفوا أنهم يقومون بين يدي الله، فيحاسبهم على القليل والكثير، لأقلعوا عن ذلك وتابوا منه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية