تَفْسِيرُ سُورَةِ الْبُرُوجِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ
بِسْمَ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=32433_33062_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ nindex.php?page=treesubj&link=30291_33062_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=2وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ nindex.php?page=treesubj&link=26391_33030_33062_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=3وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ nindex.php?page=treesubj&link=32008_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ nindex.php?page=treesubj&link=32008_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ nindex.php?page=treesubj&link=32008_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=6إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ nindex.php?page=treesubj&link=32008_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=7وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ nindex.php?page=treesubj&link=28723_32008_32024_34190_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=8وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29687_32008_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=9الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ nindex.php?page=treesubj&link=30428_30437_30531_30539_32008_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ nindex.php?page=treesubj&link=29680_30387_30401_34135_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ nindex.php?page=treesubj&link=30532_34090_34513_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ nindex.php?page=treesubj&link=30337_30340_33679_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ nindex.php?page=treesubj&link=28723_31748_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ nindex.php?page=treesubj&link=29723_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فَعَّالٌ لَمَّا يُرِيدُ nindex.php?page=treesubj&link=30614_31847_31916_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=17هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ nindex.php?page=treesubj&link=30539_30614_31847_31916_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=18فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ nindex.php?page=treesubj&link=30549_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=19بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ nindex.php?page=treesubj&link=28723_30532_34091_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=20وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ nindex.php?page=treesubj&link=28867_34225_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ nindex.php?page=treesubj&link=28740_31749_34225_29056nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ أَيْ: ذَاتِ الْمَنَازِلِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَنَازِلِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالْكَوَاكِبِ الْمُنْتَظِمَةِ فِي سَيْرِهَا، عَلَى أَكْمَلِ تَرْتِيبٍ وَنِظَامٍ دَالٍّ عَلَى كَمَالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ، وَسِعَةِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=2وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَهُوَ
[ ص: 1954 ] يَوْمُ الْقِيَامَةِ، الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ الْخَلْقَ أَنْ يَجْمَعَهُمْ فِيهِ، وَيَضُمَّ فِيهِ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ، وَقَّاصِيَهُمْ وَدَانِيَهُمُ، الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَغَيَّرَ، وَلَا يُخْلِفَ اللَّهُ الْمِيعَادَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=3وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ وَشَمَلَ هَذَا كُلَّ مَنِ اتُّصِفَ بِهَذَا الْوَصْفِ أَيْ: مُبْصِرٍ وَمُبْصَرٍ، وَحَاضِرٍ وَمَحْضُورٍ، وَرَاءٍ وَمَرْئِيٍّ.
وَالْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، مَا تَضَمَّنَهُ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْبَاهِرَةِ، وَحِكَمِهِ الظَّاهِرَةِ، وَرَحْمَتِهِ الْوَاسِعَةِ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ وَهَذَا دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ.
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4الأُخْدُودِ الْحُفَرُ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الْأَرْضِ. وَكَانَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ هَؤُلَاءِ قَوْمًا كَافِرِينَ، وَلَدَيْهِمْ قَوْمٌ مُؤْمِنُونَ، فَرَاوَدُوهُمْ عَلَى الدُّخُولِ فِي دِينِهِمْ، فَامْتَنَعَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ ذَلِكَ، فَشَقَّ الْكَافِرُونَ أُخْدُودًا فِي الْأَرْضِ ، وَقَذَفُوا فِيهَا النَّارَ، وَقَعَدُوا حَوْلَهَا، وَفَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ، وَعَرَضُوهُمْ عَلَيْهَا، فَمَنِ اسْتَجَابَ لَهُمْ أَطْلَقُوهُ، وَمَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى الْإِيمَانِ قَذَفُوهُ فِي النَّارِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْمُحَارَبَةِ لِلَّهِ وَلِحِزْبِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِهَذَا لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَأَهْلَكَهُمْ وَتَوَعَّدَهُمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=4قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ ثُمَّ فَسَّرَ الْأُخْدُودَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=5النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=6إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=7وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ التَّجَبُّرِ وَقَسَاوَةِ الْقَلْبِ، لِأَنَّهُمْ جَمَعُوا بَيْنَ الْكُفْرِ بِآيَاتِ اللَّهِ وَمُعَانَدَتِهَا، وَمُحَارَبَةِ أَهْلِهَا وَتَعْذِيبِهِمْ بِهَذَا الْعَذَابِ، الَّذِي تَنْفَطِرُ مِنْهُ الْقُلُوبُ، وَحُضُورُهُمْ إِيَّاهُمْ عِنْدَ إِلْقَائِهِمْ فِيهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ مَا نَقَمُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا حَالَةً يُمْدَحُونَ عَلَيْهَا، وَبِهَا سَعَادَتُهُمْ، وَهِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ أَيِ: الَّذِي لَهُ الْعِزَّةُ الَّتِي قَهَرَ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ حَمِيدٌ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَوْصَافِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=9الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ خَلْقًا وَعَبِيدًا، يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ بِمَا يَشَاءُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=9وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ عِلْمًا وَسَمْعًا وَبَصَرًا، أَفَلَا خَافَ هَؤُلَاءِ الْمُتَمَرِّدُونَ عَلَيْهِ، أَنْ يَأْخُذَهُمُ الْعَزِيزُ الْمُقْتَدِرُ، أَوَ مَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ مَمَالِيكُ لِلَّهِ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ سُلْطَةٌ، مِنْ دُونِ إِذْنِ الْمَالِكِ؟ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِمْ
[ ص: 1955 ] أَنَّ اللَّهَ مُحِيطٌ بِأَعْمَالِهِمْ، مُجَازِيهِمْ عَلَى فِعَالِهِمْ ؟ كَلَّا إِنَّ الْكَافِرَ فِي غُرُورٍ، وَالْجَاهِلَ فِي عَمًى وَضَلَالٍ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ.
ثُمَّ وَعَدَهُمْ، وَأَوْعَدَهُمْ، وَعَرَضَ عَلَيْهِمِ التَّوْبَةَ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ أَيِ: الْعَذَابُ الشَّدِيدُ الْمُحْرِقُ. قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْكَرَمِ وَالْجُودِ، هُمْ قَتَلُوا أَوْلِيَاءَهُ وَأَهْلَ طَاعَتِهِ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ عُقُوبَةَ الظَّالِمِينَ، ذَكَرَ ثَوَابَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِقُلُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِجَوَارِحِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ الَّذِي حَصَلَ لَهُمُ الْفَوْزُ بِرِضَا اللَّهِ وَدَارِ كَرَامَتِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=12إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ أَيْ: إِنَّ عُقُوبَتَهُ لِأَهْلِ الْجَرَائِمِ وَالذُّنُوبِ الْعِظَامِ لَقَوِيَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَهُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=13إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ أَيْ: هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِإِبْدَاءِ الْخَلْقِ وَإِعَادَتِهِ، فَلَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ مُشَارِكٌ،
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14وَهُوَ الْغَفُورُ الَّذِي يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَهَا لِمَنْ تَابَ، وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ لِمَنِ اسْتَغْفَرَهُ وَأَنَابَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14الْوَدُودُ الَّذِي يُحِبُّهُ أَحْبَابُهُ مَحَبَّةً لَا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُشَابِهُهُ شَيْءٌ فِي صِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْجَمَالِ، وَالْمَعَانِي وَالْأَفْعَالِ، فَمَحَبَّتُهُ فِي قُلُوبِ خَوَاصِّ خَلْقِهِ، التَّابِعَةِ لِذَلِكَ، لَا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَحَابِّ، وَلِهَذَا كَانَتْ مَحَبَّتُهُ أَصْلُ الْعُبُودِيَّةِ، وَهِيَ الْمَحِبَّةُ الَّتِي تَتَقَدَّمُ جَمِيعَ الْمَحَابِّ وَتَغْلِبُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا تَبَعًا لَهَا، كَانَتْ عَذَابًا عَلَى أَهْلِهَا، وَهُوَ تَعَالَى الْوَدُودُ، الْوَادُّ لِأَحْبَابِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=54يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وَالْمَوَدَّةُ هِيَ الْمَحَبَّةُ الصَّافِيَةُ، وَفِي هَذَا سِرٌّ لَطِيفٌ، حَيْثُ قَرَنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=14الْوَدُودُ بِالْغَفُورِ، لِيَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الذُّنُوبِ إِذَا تَابُوا إِلَى اللَّهِ وَأَنَابُوا، غَفَرَ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ وَأَحَبَّهُمْ، فَلَا يُقَالُ: بَلْ تَغْفِرُ ذُنُوبَهُمْ، وَلَا
[ ص: 1956 ] يَرْجِعُ إِلَيْهِمِ الْوِدُّ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْغَالِطِينَ.
بَلِ
nindex.php?page=treesubj&link=19705اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ، مِنْ رَجُلٍ لَهُ رَاحِلَةٌ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ، فَأَضَلَّهَا فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ مُهْلِكَةٍ، فَأَيَسَ مِنْهَا، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ، فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، إِذَا رَاحِلَتُهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، فَاللَّهُ أَعْظَمُ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ، وَهَذَا أَعْظَمُ فَرَحٍ يُقَدَّرُ.
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ، وَصَفْوُ الْوِدَادِ، مَا أَعْظَمَ بِرَّهُ، وَأَكْثَرَ خَيْرَهُ، وَأَغْزَرَ إِحْسَانَهُ، وَأَوْسَعَ امْتِنَانَهُ"
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ أَيْ: صَاحِبُ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، الَّذِي مِنْ عَظَمَتِهِ، أَنَّهُ وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْكُرْسِيَّ، فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَرْشِ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ فِي فَلَاةٍ، بِالنِّسْبَةِ لِسَائِرِ الْأَرْضِ، وَخَصَّ اللَّهُ الْعَرْشَ بِالذِّكْرِ، لِعَظَمَتِهِ، وَلِأَنَّهُ أَخَصُّ الْمَخْلُوقَاتِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ تَعَالَى، وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ الْجَرِّ، يَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=15الْمَجِيدُ نَعْتًا لِلْعَرْشِ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ نَعْتًا لِلَّهِ ، وَالْمَجْدُ سِعَةُ الْأَوْصَافِ وَعَظَمَتُهَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=16فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ أَيْ: مَهْمَا أَرَادَ شَيْئًا فَعَلَهُ، إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ فِعَالًا لِمَا يُرِيدُ إِلَّا اللَّهُ.
فَإِنَّ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَوْ أَرَادَتْ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِإِرَادَتِهَا مِنْ مُعَاوِنٍ وَمُمَانِعٍ، وَاللَّهُ لَا مُعَاوِنَ لِإِرَادَتِهِ، وَلَا مُمَانِعَ لَهُ مِمَّا أَرَادَ.
ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَفْعَالِهِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=17هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=18فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ وَكَيْفَ كَذَّبُوا الْمُرْسَلِينَ، فَجَعَلَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْمُهْلَكِينَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=19بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ أَيْ: لَا يَزَالُونَ مُسْتَمِرِّينَ عَلَى التَّكْذِيبِ وَالْعِنَادِ، لَا تَنْفَعُ فِيهِمُ الْآيَاتُ، وَلَا تُجْدِي لَدَيْهِمُ الْعِظَاتُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=20وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ أَيْ: قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ عِلْمًا وَقُدْرَةً، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=14إِنَّ [ ص: 1957 ] رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ فَفِيهِ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِلْكَافِرِينَ، مِنْ عُقُوبَةِ مَنْ هُمْ فِي قَبْضَتِهِ، وَتَحْتَ تَدْبِيرِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ أَيْ: وَسِيعُ الْمَعَانِي عَظِيمُهَا، كَثِيرُ الْخَيْرِ وَالْعِلْمِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ مِنَ التَّغْيِيرِ وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَمَحْفُوظٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَهُوَ: اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ الَّذِي قَدْ أَثْبَتَ اللَّهُ فِيهِ كُلَّ شَيْءٍ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَلَالَةِ الْقُرْآنِ وَجَزَالَتِهِ، وَرِفْعَةِ قَدْرِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
تَمَّ تَفْسِيرُهَا.
تَمَّ تَفْسِيرُ السُّورَةِ.