الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                17164 باب مبتدأ البعث والتنزيل .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أنبأ أبو عمرو المقري ، أنبأ الحسن بن سفيان ، ثنا أبو الطاهر : أحمد بن عمرو ، ثنا ابن وهب ، أخبرني [ ص: 6 ] يونس ، عن ابن شهاب ، حدثني عروة بن الزبير : أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته ، قالت : كان أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة ، فتزوده بمثلها ، حتى فجأه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، فقال : " ما أنا بقارئ " ، قال : " فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني ، فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم ) " . فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترجف بوادره حتى دخل على خديجة رضي الله عنها ، فقال : " زملوني زملوني " . فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، ثم قال لخديجة : " أي خديجة ما لي ؟ " وأخبرها الخبر ، قال : " لقد خشيت على نفسي " . قالت له خديجة : كلا ، أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا ، والله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فانطلقت به خديجة رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وهو ابن عم خديجة ، ابن أخي أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت له خديجة : أي عم اسمع من ابن أخيك ، قال ورقة بن نوفل : ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا ، يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " أومخرجي هم ؟ " قال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر ، وأخرجه البخاري من وجه آخر عن يونس .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية