الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                17182 باب مبتدأ الإذن بالقتال .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، ثنا أبو اليمان : الحكم بن نافع ، أنبأ شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، حدثني عروة بن الزبير : أن أسامة بن زيد رضي الله عنه أخبره : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار على إكاف على قطيفة فدكية ، وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر ، فسار حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ابن سلول ، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي ، فإذا في المجلس رجال من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود ، وفي المسلمين عبد الله بن رواحة ، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر ابن أبي أنفه بردائه ، ثم قال : لا تغبروا علينا . فسلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم وقف ، فنزل ، فدعاهم إلى الله عز وجل ، وقرأ عليهم القرآن ، قال : فقال عبد الله بن أبي ابن سلول : أيها المرء إنه لا أحسن مما تقول . إن كان حقا فلا تؤذينا به في مجلسنا . ارجع إلى رحلك ، فمن جاءك فاقصص عليه ، فقال عبد الله بن رواحة : بلى يا رسول الله ، فاغشنا به في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك ، فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون ، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا ، ثم ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - دابته ، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة رضي الله عنه ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : " أيا سعد ، ألم تسمع ما قال أبو حباب ؟ " يريد عبد الله بن أبي ، قال : كذا وكذا ، فقال سعد بن عبادة : يا رسول الله اعف عنه واصفح ، فوالذي أنزل الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك ، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه ، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك ، فذلك فعل به ما رأيت ، فعفا عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله عز وجل ويصبرون على الأذى ، قال الله عز وجل : ( ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ) ، وقال الله : ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير ) ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتأول في العفو ما أمر الله به حتى أذن له فيهم ، فلما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - بدرا ، فقتل الله به من قتل من صناديد كفار قريش ، قال ابن أبي ابن سلول ومن معه من عبدة الأوثان : هذا أمر قد توجه ، فبايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام . رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان ، وأخرجاه من حديث معمر ، وعقيل ، عن الزهري .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية