الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1711 - مسألة : ومن مات وترك أختين شقيقتين أو لأب ، أو أكثر من أختين كذلك أيضا ، ولم يترك ولدا ، ولا أخا شقيقا ، ولا لأب ، ولا من يحطهن مما نذكر فلهما ثلثا ما ترك أو لهن - على السواء - .

                                                                                                                                                                                          وكذلك من ترك ابنتين فصاعدا ولم يترك ولدا ذكرا ولا من يحطهن : فلهما أو لهن ثلثا ما ترك أيضا .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك قول الله عز وجل : { إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أحمد بن شعيب نا إسماعيل بن مسعود الجحدري نا خالد بن الحارث - هو الهجيمي - نا هشام - هو الدستوائي - نا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال : " { اشتكيت وعندي سبع أخوات لي فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفخ في وجهي فأفقت ، فقلت : يا رسول الله ، ألا أوصي لأخواتي بالثلثين - ثم خرج وتركني ، ثم رجع إلي فقال : إني لا أراك ميتا من وجعك هذا ، وإن الله قد أنزل فبين الذي لأخواتك : فجعل لهن الثلثين - فكان جابر يقول : أنزلت هذه الآية في : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } } وهذا لا خلاف فيه .

                                                                                                                                                                                          وأما البنتان فلا خلاف في الثلاث فصاعدا ، ولا ولد للميت ذكرا في أن لهن الثلثين [ ص: 267 ] إذا لم يكن هنالك من يحطهن ، وهو قول الله تعالى ، { فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك }

                                                                                                                                                                                          وأما البنتان فقد روي عن ابن عباس أنه ليس لهما إلا النصف كما للواحدة - والمرجوع إليه عند التنازع هو بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          كما روينا من طريق مسدد نا بشر بن المفضل نا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال : { خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواق - وهي جدة خارجة بن زيد بن ثابت - فذكر حديثا وفيه : فجاءت المرأة بابنتين لها فقالت : يا رسول الله هاتان بنتا سعد بن الربيع ، قتل معك يوم أحد وقد استقى عمهما مالهما فلم يدع لهما مالا إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله ؟ فوالله لا ينكحان أبدا إلا ولهما مال ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقضي الله في ذلك ، قال : ونزلت سورة النساء { يوصيكم الله في أولادكم } الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادعوا لي المرأة وصاحبها فقال لعمهما : أعطهما الثلثين وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك } .

                                                                                                                                                                                          وقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعطى الابنة النصف ، وابنة الابن السدس تكملة الثلثين وقد ادعى أصحاب القياس أن الثلثين إنما وجب للبنتين قياسا على الأختين ، قالوا : والبنتان أولى بذلك من الأختين .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وهذا باطل ; لأنه إن كان ذلك لأن البنتين أحق من الأختين فواجب أن يزيدوهما من أجل أنهما أولى وأقرب ، فيخالفوا القرآن ، أو يبطلوا قياسهم .

                                                                                                                                                                                          وأيضا فإنهم - نعني هؤلاء المحتجين بهذا القياس - لا يختلفون في عشر بنات وأخت لأب : أن للأخت الثلث كاملا ، ولكل واحدة من البنات خمس الثلث - فقد أعطوا الأخت الواحدة أكثر مما أعطوا أربع بنات ، فأين قولهم : إن البنات أحق من الأخوات ؟ وهذا منهم تخليط في الدين ، وليست المواريث على قدر التفاضل في القرابة ، إنما هي كما جاءت النصوص فقط .

                                                                                                                                                                                          ولا خلاف فيمن ترك جده أبا أمه ، وابن بنته ، وبنت أخيه ، وابن أخته ، وخاله وخالته ، وعمته وابن عم له لا يلتقي معه إلا إلى عشرين جدا : أن هذا المال كله لهذا [ ص: 268 ] الابن العم البعيد ، ولا شيء لكل من ذكرنا ، وأين قرابته من قرابتهم - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية