الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 172 ] 335

ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة

في هذه السنة في المحرم ، استقر معز الدولة ببغداذ ، وأعاد المطيع لله إلى دار الخلافة بعد أن استوثق منه ، وقد تقدم ذلك مفصلا .

وفيها اصطلح معز الدولة وناصر الدولة ، وكانت الرسل تتردد بينهما بغير علم من الأتراك التوزونية ، وكان ناصر الدولة نازلا شرقي تكريت ، فلما علم الأتراك بذلك ثاروا بناصر الدولة ، فهرب منهم وعبر دجلة إلى الجانب الغربي ، فنزل على ملهم والقرامطة ، فأجاروه وسيروه ومعه ابن شيرزاد إلى الموصل .

ذكر حرب تكين وناصر الدولة

لما هرب ناصر الدولة من الأتراك ولم يقدروا عليه ، اتفقوا على تأمير تكين الشيرازي ، وقبضوا على ابن قرابة ، وعلى كتاب ناصر الدولة ( ومن تخلف من أصحابه ، وقبض ناصر الدولة ) على ابن شيرزاد عند وصوله إلى جهينة ، ولم يلبث ناصر الدولة بالموصل بل سار إلى نصيبين ، ودخل تكين والأتراك إلى الموصل ، وساروا في طلبه ، فمضى إلى سنجار ، فتبعه تكين إليها ، فسار ناصر الدولة من سنجار إلى الحديثة ، فتبعه تكين .

وكان ناصر الدولة قد كتب إلى معز الدولة يستصرخه ، فسير الجيوش إليه ، فسار [ ص: 173 ] ناصر الدولة من الحديثة إلى السن ، فاجتمع هناك بعسكر معز الدولة ، وفيهم وزيره أبو جعفر الصيمري ، وساروا بأسرهم إلى الحديثة لقتال تكين ، فالتقوا بها ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم تكين والأتراك بعد أن كادوا يستظهرون ، فلما انهزموا ، تبعهم العرب من أصحاب ناصر الدولة ، فأدركوهم وأكثروا القتل فيهم ، وأسروا تكين الشيرازي وحملوه إلى ناصر الدولة ، فسمله في الوقت فأعماه ، وحمله إلى قلعة من قلاعه فسجنه بها .

وسار ناصر الدولة والصيمري ( إلى الموصل فنزلوا شرقيها ، وركب ناصر الدولة إلى خيمة الصيمري ) ، فدخل إليه ثم خرج من عنده إلى الموصل ، ولم يعد إليه . فحكي عن ناصر الدولة أنه قال : ندمت حين دخلت خيمته ، فبادرت وخرجت .

وحكي عن الصيمري أنه قال : لما خرج ناصر الدولة من عندي ، ندمت حيث لم أقبض عليه ، ثم تسلم الصيمري بن شيرزاد من ناصر الدولة ألف كر حنطة وشعيرا وغير ذلك .

ذكر استيلاء ركن الدولة على الري

لما كان من عساكر خراسان ما ذكرناه من الاختلاف ، وعاد أبو علي إلى خراسان ، رجع ركن الدولة إلى الري واستولى عليها وعلى سائر أعمال الجبل ، وأزال عنها الخراسانية ، وعظم ملك بني بويه ، فإنهم صار بأيديهم أعمال الري ، والجبل ، وفارس ، والأهواز ، والعراق ، ويحمل إليهم ضمان الموصل ، وديار بكر ، وديار مضر ( من الجزيرة ) .

ذكر عدة حوادث

في هذه السنة اختلف معز الدولة بن بويه وأبو القاسم بن البريدي والي البصرة ، فأرسل معز الدولة جيشا إلى واسط ، فسير إليهم ابن البريدي جيشا من البصرة في الماء [ ص: 174 ] وعلى الظهر ، فالتقوا واقتتلوا ، فانهزم أصحاب البريدي ، وأسر من أعيانهم جماعة كثيرة .

وفيها كان الفداء بالثغور بين المسلمين والروم على يد نصر الثملي أمير الثغور لسيف الدولة بن حمدان ، وكان عدة الأسرى ألفين وأربعمائة أسير وثمانين أسيرا من ذكر وأنثى ، وفضل للروم على المسلمين مائتان وثلاثون أسيرا لكثرة من معهم من الأسرى ، فوفاهم ذلك سيف الدولة .

وفيها في شعبان ، قبض سيف الدولة بن حمدان على أبي إسحاق محمد القراريطي ، وكان استكتبه استظهارا على أبي الفرج محمد بن علي السر من رائي ، واستكتب أبا عبد الله محمد بن سليمان بن فهد الموصلي .

[ الوفيات ]

وفيها توفي محمد بن إسماعيل بن بحر أبو عبد الله الفارسي ، الفقيه الشافعي ، في شوال ، و محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس ( بن محمد بن صول ) أبو بكر الصولي ، وكان عالما بفنون الآداب والأخبار .

التالي السابق


الخدمات العلمية