الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 201 ] ثم دخلت سنة إحدى وخمسمائة من الهجرة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها جدد الخليفة الخلع على وزيره أبي المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب وأكرمه وعظمه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ربيع الآخر منها دخل السلطان محمد إلى بغداد فتلقاه الوزير والأعيان ، وأحسن إلى أهلها ولم يتعرض أحد من جيشه إلى شيء ، وتغضب السلطان غياث الدين محمد على صدقة بن منصور الأسدي صاحب الحلة وتكريت بسبب أنه آوى رجلا من أعدائه يقال له : أبو دلف سرخاب الديلمي صاحب ساوة ، وبعث إليه ليرسله إليه ، فلم يفعل فأرسل إليه جيشا فهزموا جيشه ، وقد كان جيشه عشرين ألف فارس وثلاثين ألف راجل وقتل صدقة في المعركة وأسر جماعة من رءوس أصحابه ، وأخذوا من زوجته خمسمائة ألف دينار وجواهر نفيسة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي : وظهر في هذه السنة صبية عمياء تتكلم على أسرار الناس ، وبالغ الناس في الحيل ، ليعلموا حالها فلم يعلموا ، قال ابن عقيل : وأشكل أمرها على العلماء والخواص والعوام ، حتى إنها كانت تسأل عن نقوش [ ص: 202 ] الخواتم المقلوبة الصعبة ، وعن أنواع الفصوص وصفات الأشخاص ، وما في داخل البنادق من الشمع والطين والحب المختلف والخرز ، وبالغ أحدهم حتى ترك يده على ذكره فقيل لها : ما الذي في يده فقالت : يحمله إلى أهله وعياله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها قدم القاضي فخر الملك أبو عبيد علي بن عمار صاحب طرابلس إلى بغداد يستنفر المسلمين على الفرنج ، فأكرمه السلطان غياث الدين محمد إكراما زائدا ، وخلع عليه وبعث معه الجيوش الكثيرة لقتال الفرنج .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية