الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 291 ] كتاب العتق

                                                                                                                          وهو من أفضل القرب ، والمستحب عتق من له كسب ، فأما من لا قوة له ولا كسب ، فلا يستحب عتقه ولا كتابته .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          كتاب العتق

                                                                                                                          وهو لغة
                                                                                                                          : الخلوص ، ومنه عتاق الخيل والطير ، أي : خالصها ، وسمي به البيت الحرام ; لخلوصه من أيدي الجبابرة ، وفي الشرع : تحرير الرقبة وتخليصها من الرق ، وخصت به الرقبة ، وإن تناول العتق الجميع ; لأن ملك السيد له كالغل المانع له من الخروج ، فإذا أعتق بالحق ، فكأن رقبته أطلقت من ذلك ، يقال : عتق العبد ، وأعتقته أنا ، فهو عتيق ومعتق ، وهم عتقاء ، وأمة عتيق وعتيقة ، وإماء عتائق وعتق ، بمعنى : فاعل لا مفعول ; لأنه لا يقال : عتق العبد ، فهو معتوق ، وقيل : تسميته معتوقا لحن ، وقيل : لا ، والإجماع على صحته ، وحصول القربة به ، وسنده قوله تعالى فتحرير رقبة [ النساء 92 ] و فك رقبة [ البلد 13 ] وقوله عليه السلام من أعتق امرءا مسلما ، استنقذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار متفق عليه من حديث أبي هريرة .

                                                                                                                          ( وهو من أفضل القرب ) وأعظمها ; لأنه تعالى جعله كفارة للقتل والظهار والوطء في رمضان والأيمان ، وجعله عليه السلام فكاكا لمعتقه من النار ، ولأن فيه تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق ، وملك نفسه ومنافعه ، وتكميل أحكامه ، وتمكينه من التصرف في نفسه ومنافعه على حسب إرادته واختياره ، وفي التبصرة : هو أحبها إلى الله تعالى ، وأفضل الرقاب أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا ، نقله الجماعة ، فظاهره ولو كافرة ، ويثاب على عتقه ، قال في الفنون : [ ص: 292 ] لا يختلف الناس فيه ، واحتج به ، وبرق الذرية على أن الرق ليس بعقوبة ، بل محنة وبلوى .

                                                                                                                          فائدة : الأفضل عتق ذكر ، وعنه : أنثى لأنثى ، وعنه : أمتين ، كعتقه رجلا ، قال الشيخ تقي الدين : وتزويجه بها ، ويصح ممن تصح وصيته ، وعنه : وهبته .

                                                                                                                          ( والمستحب عتق من له كسب ) فيستغني به ، أي : يجر ما ينفق عليه ، فلا يبقى عيلة ولا محتاجا ( فأما من لا قوة له ولا كسب ، فلا يستحب عتقه ولا كتابته ) هذا رواية ، وهو المذهب ; لأنه يتضرر بفوات نفقته الواجبة له ، وصار كلا على الناس ، وعنه : يستحب ، قال ابن حمدان : ويحمل بوجوب نفقته عليه ، وعنه : يكره كتابته ; لخوف محرم ، كقطع طريق ، أو جارية يخاف عليها الزنا والفساد ، فإن ظن إفضاؤه إليه ، حرم ، ويصح عتقه ، ذكره في المغني والشرح ، قال في الفروع : ويتوجه كمن باع واشترى بقصد الحرام .




                                                                                                                          الخدمات العلمية