الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1694 الأصل

ومن كتاب الدعوى والبينات

[ 1517 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا ابن أبي يحيى، عن إسحاق بن أبي فروة، عن عمر بن الحكم، عن جابر بن عبد الله أن رجلين تداعيا دابة، فأقام كل واحد منهما البينة أنها دابته نتجها، فقضى بها [ ص: 151 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يديه . والله أعلم.

التالي السابق


الشرح

عمر: هو ابن الحكم بن رافع، أبو حفص الأنصاري.

سمع: جابر بن عبد الله .

والحديث رواه الشافعي في "القديم" عن رجل عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، ثم قال: وهذه رواية صالحة ليست بالقوية ولا الساقطة، ولم نجد [أحدا] من أهل العلم يخالف في القول بهذا، وهذا مصير منه إلى أن ابن [أبي] فروة غير متروك وإنما قال: ولم نجد أحدا من أهل العلم يخالف هذا؛ لأن أبا حنيفة وإن كان لا يسمع بينة ذي اليد ويقضي للخارج ولكن ذلك في غير صورة التعريض للنتاج؛ فأما إذا قال كل واحد منهما: هذه الدابة ملكي نتجتها؛ فيقضى بها لصاحب اليد بالاتفاق، ويؤيده ما روي عن الشعبي عن جابر؛ أن رجلين اختصما في ناقة، وكل واحد منهما قال: نتجت هذه الناقة عندي، وأقام بينة؛ فقضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يده .

ولو كان الشيء في أيديهما وتداعياه حلف كل واحد منهما على نفي ما يدعيه الآخر وجعل بينهما حكم اليد، ولو أقام كل واحد منهما بينة فكذلك [ ص: 152 ] .

ولو كان المدعى في يد ثالث وأقام كل واحد منهما بينة فيتساقطان ويبقى المدعى في يد صاحب اليد، أو يجعل بين المدعيين، أو يقرع ويقضى لمن خرجت قرعته، أو يوقف المدعى بينهما؟

فيه أقوال للشافعي رضي الله عنه: أظهرها: الأول.

وقد روي عن أبي موسى الأشعري؛ أن رجلين ادعيا بعيرا ولم يكن لواحد منهما بينة، فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما .

قال الإمام أبو سليمان الخطابي: يشبه أن يكون البعير في أيديهما معا، ولو كان في يد غيرهما لم يستحقا بمجرد الدعوى شيئا، وروي؛ أن [رجلين] ادعيا بعيرا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث كل واحد منهما، فقسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما نصفين .

وهذا يجوز أن يكون مصورا فيما إذا كان المدعى في يدهما ويكون جعله بينهما حكما بتساقط البينتين، ويجوز أن يكون مصورا فيما إذا كان الشيء في يد غيرهما، وحينئذ فالحديث يدل على قول القسمة من الأقوال المذكورة.




الخدمات العلمية