الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          أحكام حقوق الزوجين 1904 - مسألة : والإحسان إلى النساء فرض ولا يحل تتبع عثراتهن ومن قدم من سفره ليلا فلا يدخل بيته إلا نهارا ، ومن قدم نهارا فلا يدخل إلا ليلا ، إلا أن يمنعه مانع عذر [ ص: 225 ] برهان ذلك : قول الله عز وجل : { وعاشروهن بالمعروف } وقول الله عز وجل : { ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن }

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : إذ حرم التضييق عليهن فقد أوجب تعالى التوسيع عليهن وافترض ترك ضرهن - :

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق مسلم نا إسحاق بن إبراهيم عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس - فذكر كلاما كثيرا وفيه - : فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن أن لا يوطئن فراشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف }

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : لم يعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فراش المضجع ، ذلك أمر يجب فيه الرجم على المحصنة ، فلا يؤمر فيه بضرب غير مبرح ، وإنما عنى عليه الصلاة والسلام بلا شك كل ما افترش في البيوت ، وهذا نهي عن أن يدخل في مسكنه أو في بيته من لا يريد دخوله منزله من رجل أو امرأة فقط - وهذا يأتي مبينا في المسألة التي تأتي بعد هذه

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا حسين بن علي عن زائدة عن مسرة عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر كلاما ، وفيه { فاستوصوا بالنساء خيرا }

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أحمد بن شعيب نا عمرو بن منصور نا أبو نعيم عن سفيان الثوري عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال

                                                                                                                                                                                          { نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا أن يتخونهم أو يلتمس عثراتهم }

                                                                                                                                                                                          ومن طريق البخاري نا أبو النعمان - هو محمد بن الفضل عارم - نا هشيم نا سيار عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال : { قفلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غزوة فلما ذهبنا لندخل قال أمهلوا حتى تدخلوا ليلا لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة }

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : هذا تعارض ؟ قلنا : كلا ، بل قد بين عليه الصلاة والسلام في كلا [ ص: 226 ] الخبرين مراده ، ذكر في الخبر الأول : أن لا يدخل ليلا فيتبع بذلك عثرة إن كانت أو لم تكن فصح أن ذلك في الذي جاء ليلا

                                                                                                                                                                                          وبين عليه الصلاة والسلام في الآخر : أن يمهل من أتى نهارا حتى يدخل ليلا بعد أن يتصل خبره بأهله ، فتستحد وتمتشط

                                                                                                                                                                                          ولا ينسب التعارض إلى كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا كافر ولا ينسبه إلى الصحابة إلا مبتدع ، ولا ينسبه إلى الأئمة - ومن دونهم - إلا منحرف القلب عن السنن - ونعوذ بالله من كل ذلك

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية