الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 348 ] القول في تأويل قوله ( وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ( 20 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : وقال الشيطان لآدم وزوجته حواء : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة أن تأكلا ثمرها ، إلا لئلا تكونا ملكين .

وأسقطت " لا " من الكلام ، لدلالة ما ظهر عليها ، كما أسقطت من قوله : ( يبين الله لكم أن تضلوا ) ، [ سورة النساء : 176 ] . والمعنى : يبين الله لكم أن لا تضلوا .

وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يزعم أن معنى الكلام : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تكونا ملكين ، كما يقال : " إياك أن تفعل " كراهية أن تفعل .

" أو تكونا من الخالدين " ، في الجنة ، الماكثين فيها أبدا ، فلا تموتا .

والقراءة على فتح " اللام " ، بمعنى : ملكين من الملائكة .

وروي عن ابن عباس ، ما : -

14394 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا ابن أبي حماد قال ، حدثنا عيسى الأعمى ، عن السدي قال : كان ابن عباس يقرأ : " إلا أن تكونا ملكين " ، بكسر " اللام " .

وعن يحيى بن أبي كثير ، ما : - [ ص: 349 ]

14395 - حدثني أحمد بن يوسف قال ، حدثني القاسم بن سلام قال ، حدثنا حجاج ، عن هارون قال ، حدثنا يعلى بن حكيم ، عن يحيى بن أبي كثير أنه قرأها : " ملكين " ، بكسر " اللام " .

وكأن ابن عباس ويحيى وجها تأويل الكلام إلى أن الشيطان قال لهما : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين من الملوك وأنهما تأولا في ذلك قول الله في موضع آخر : ( قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) ، [ سورة طه : 120 ] .

قال أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز القراءة في ذلك بغيرها ، القراءة التي عليها قرأة الأمصار وهي ، فتح " اللام " من : " ملكين " ، بمعنى : ملكين ، من الملائكة ، لما قد تقدم من بياننا في أن كل ما كان مستفيضا في قرأة الإسلام من القراءة ، فهو الصواب الذي لا يجوز خلافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية