الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه : ( قل ) ، يا محمد ، لهؤلاء الذين يزعمون أن الله أمرهم بالفحشاء كذبا على الله : ما أمر ربي بما تقولون ، بل ( أمر ربي بالقسط ) ، يعني : بالعدل ، كما : -

14469 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن [ ص: 380 ] ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( قل أمر ربي بالقسط ) ، بالعدل .

14470 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( قل أمر ربي بالقسط ) ، والقسط : العدل .

وأما قوله : ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله . فقال بعضهم : معناه : وجهوا وجوهكم حيث كنتم في الصلاة إلى الكعبة .

ذكر من قال ذلك :

14471 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، إلى الكعبة حيثما صليتم ، في الكنيسة وغيرها .

14472 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : إذا صليتم فاستقبلوا الكعبة ، في كنائسكم وغيرها .

14473 - حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، هو " المسجد " ، الكعبة .

14474 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا خالد بن عبد الرحمن ، عن عمر بن ذر ، عن مجاهد في قوله : ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : الكعبة ، حيثما كنت .

14475 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : أقيموها للقبلة ، هذه القبلة التي أمركم الله بها . [ ص: 381 ]

وقال آخرون : بل عنى بذلك : واجعلوا سجودكم لله خالصا ، دون ما سواه من الآلهة والأنداد .

ذكر من قال ذلك .

14476 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ، قال : في الإخلاص ، أن لا تدعوا غيره ، وأن تخلصوا له الدين .

قال أبو جعفر : وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية ، ما قاله الربيع : وهو أن القوم أمروا أن يتوجهوا بصلاتهم إلى ربهم ، لا إلى ما سواه من الأوثان والأصنام ، وأن يجعلوا دعاءهم لله خالصا ، لا مكاء ولا تصدية .

وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية ، لأن الله إنما خاطب بهذه الآية قوما من مشركي العرب ، لم يكونوا أهل كنائس وبيع ، وإنما كانت الكنائس والبيع لأهل الكتابين . فغير معقول أن يقال لمن لا يصلي في كنيسة ولا بيعة : " وجه وجهك إلى الكعبة في كنيسة أو بيعة " .

وأما قوله : ( وادعوه مخلصين له الدين ) ، فإنه يقول : واعملوا لربكم مخلصين له الدين والطاعة ، لا تخلطوا ذلك بشرك ، ولا تجعلوا في شيء مما تعملون له شريكا ، كما : -

14477 - حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : ( وادعوه مخلصين له الدين ) ، قال : أن تخلصوا له الدين والدعوة والعمل ، ثم توجهون إلى البيت الحرام .

التالي السابق


الخدمات العلمية