الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
النوع الثاني : nindex.php?page=treesubj&link=18325الطعام والشراب
ففي " الجواهر " : nindex.php?page=treesubj&link=18328يسمي الله تعالى على الأكل والشرب عند الابتداء ويحمده عند الانتهاء للحديث الصحيح في ذلك ، " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350019أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع يده في الطعام قال : باسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا ، وإذا فرغ منه قال : الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه " ، ولا يأكل متكئا ، لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10350020وأما أنا فلا آكل متكئا ، قيل : [ ص: 257 ] معناه على جنبه ، وقيل يتهيأ للطعام تهيؤا كليا اهتماما به .
وسئل مالك عن الرجل يأكل واضعا يده اليسرى على الأرض ، فقال : إني لأتقيه وأكرهه ، وما سمعت فيه شيئا ; لأن فيه معنى الاتكاء .
nindex.php?page=treesubj&link=18329ويأكل بيمينه ويشرب بيمينه ، لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10350021إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه ، ولا يأكل بشماله ، فإن الشيطان يأكل بشماله .
nindex.php?page=treesubj&link=18330ويأكل مما يليه إلا أن يكون الطعام مختلفا ألوانا ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل مع أعرابي ثريدا فجعل الأعرابي يتعدى جهته ، فقال له عليه السلام : كل مما يليك ، فلما حضر التمر جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من جهات عديدة ، فقال له الأعرابي : كل مما يليك ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما ذلك في الثريد ، أو نحوه ، ولأنه مع عدم الاختلاف سوء أدب من جهة وضعه أصابعه الواصلة إلى فمه وربما استصحبت ريقه بين يدي جليسه من غير حاجته لذلك ، ومع الاختلاف الحاجة داعية لذلك ، ورخص الشيخ أبو الوليد أن يتعدى ما يليه مطلقا إذا أكل مع أهله ، ومع من لا يلزمه الأدب معه ، وقاله مالك ، nindex.php?page=hadith&LINKID=10350023وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أنه أكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يتتبع الدباء حول القصعة ، وإذا كان جماعة فأدير عليهم ما يشربون من لبن ، أو ماء ، أو نحوه ، فليأخذه بعد الأول الأيمن فالأيمن ; nindex.php?page=hadith&LINKID=10350024لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب وعن يساره nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وعن يمينه أعرابي ، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابي لأبي بكر ، فقال لا أوثر بنصيبي منك أحدا ، فدل على أنه حق له ، ولأن اليمين أفضل فيقدم .
[ ص: 258 ] وينبغي أن يأكل الإنسان مع القوم مثل ما يأكلون من تصغير اللقم ، وإطالة المضغ ، والرسل في الأكل ، وإن خالف ذلك عادته ، nindex.php?page=treesubj&link=18336وينبغي أن لا ينهم في الأكل ، ويكثر منه ، لقوله عليه السلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10350025ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه " ، وينبغي أن يجعل ثلث بطنه للطعام ، وثلثه للماء ، وثلثه للنفس ، كذلك ورد الحديث .
nindex.php?page=treesubj&link=18337_18327ويغسل يديه من الدسم ، وفاه ، وإن كان لبنا ، وأما تعمد الغسل للأكل فكرهه مالك ، وقال : هو زي الأعاجم ، وفي الصحيح قال عليه السلام : " الغسل قبل الطعام أمان من الفقر ، وبعده أمان من اللمم " . قال أرباب المعاني : إنما أمن من الفقر ; لأن الله تعالى أجرى عادته أن من استهان بالطعام سلط الله عليه الجوع بالقحط وغيره ، وإذا لم يغسل قبل الطعام فقد أهانه بخلط الوسخ الذي على اليد معه فيخشى عليه الفقر ، وإن لم يغسل بعد الطعام خشي عليه إلمام الجان به ; لأنهم إنما يعيشون بالروائح ، فإذا شموه ربما عبثوا به ، وبهذا يظهر قول مالك أنه إذا لم يكن على يده وسخ لا يغسل ; لأنه إفساد للماء بغير حكمة .
nindex.php?page=treesubj&link=18335ولا ينفخ في طعامه ، وشرابه لما يخشى من خروج ريقه مع النفخ فهو قذارة ، ولا يتنفس في الإناء ، ولكن ينحيه عن فيه ، وفي الحديث " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب ، وينحي عن فيه ثم يشرب " ، ولأن النفس تنبعث معه الفضلات فيفسد الماء وينتن الإناء مع الطول ; nindex.php?page=hadith&LINKID=10350028لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما ، وشرب قائما ليدل على الجواز ، وفي الموطأ أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم كانوا يشربون قياما ، وكانت عائشة وغيرها لا ترى بالشرب قائما بأسا ، قال الباجي : على هذا جماعة العلماء ، وكرهه قوم لما في مسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=10350029لا يشرب أحد منكم قائما فمن نسي فليبصق ، قال والأصح أنه موقوف [ ص: 259 ] على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أو يحمل على أنه شرب قائما ، وأصحابه جلوس فلم يوافقهم فيه ، ويكون آخرهم شربا ، ولا خلاف في جواز nindex.php?page=treesubj&link=18340الأكل قائما ، قال النخعي : إنما كره الشرب قائما لداء يحصل في الجوف .