الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ( 59 ) )

قال أبو جعفر : أقسم ربنا جل ثناؤه للمخاطبين بهذه الآية : أنه أرسل نوحا إلى قومه ، منذرهم بأسه ، ومخوفهم سخطه ، على عبادتهم غيره ، فقال لمن كفر منهم : يا قوم ، اعبدوا الله الذي له العبادة ، وذلوا له بالطاعة ، واخضعوا له بالاستكانة ، ودعوا عبادة ما سواه من الأنداد والآلهة ، فإنه ليس لكم معبود يستوجب عليكم العبادة غيره ، فإني أخاف عليكم إن لم تفعلوا ذلك " عذاب يوم عظيم " ، يعني : عذاب يوم يعظم فيه بلاؤكم بمجيئه إياكم بسخط ربكم .

وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله : " غيره " .

فقرأ ذلك بعض أهل المدينة والكوفة : ( ما لكم من إله غيره ) ، بخفض " غير " على النعت ل " إله " .

وقرأه جماعة من أهل المدينة والبصرة والكوفة : ( ما لكم من إله غيره ) ، [ ص: 499 ] برفع " غير " ، ردا لها على موضع " من " ، لأن موضعها رفع ، لو نزعت من الكلام لكان الكلام رفعا ، وقيل : "ما لكم إله غير الله " . فالعرب [ لما وصفت من أن المعلوم بالكلام ] أدخلت " من " فيه أو أخرجت ، وأنها تدخلها أحيانا في مثل هذا من الكلام ، وتخرجها منه أحيانا ، ترد ما نعتت به الاسم الذي عملت فيه على لفظه ، فإذا خفضت ، فعلى كلام واحد ، لأنها نعت ل " الإله " . وأما إذا رفعت ، فعلى كلامين : " ما لكم غيره من إله " ، وهذا قول يستضعفه أهل العربية .

التالي السابق


الخدمات العلمية