الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                20316 باب ما تجوز به شهادة أهل الأهواء .

                                                                                                                                                قال الشافعي رحمه الله : كل من تأول فأتى شيئا مستحلا كان فيه حد أو لم يكن لم ترد شهادته بذلك ، ألا ترى أن ممن حمل عنه الدين ونصب علما في البلدان من قد استحل المتعة ، ومنهم من يستحل الدينار بعشرة دنانير يدا بيد ، ومنهم من قد تأول فاستحل سفك الدماء ، ومنهم من تأول فشرب كل مسكر غير الخمر ، ومنهم من أحل إتيان النساء في أدبارهن ، ومنهم من أحل بيوعا محرمة عند غيره فإذا كان هؤلاء مع ما وصفت أهل ثقة في دينهم وقناعة عند من عرفهم وقد ترك عليهم ما تأولوا ، فأخطئوا فيه ، ولم يخرجوا بعظيم الخطأ إذا كان منهم على وجه الاستحلال ، كان جميع أهل الأهواء في هذه المنزلة .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، أنبأ أبو سهل بن زياد القطان ، ثنا عبد الكريم بن الهيثم ، ثنا أبو اليمان ( ح ، وأخبرنا ) أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنبأ عبد الله بن جعفر بن درستويه ، ثنا يعقوب بن سفيان ، ثنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب عن الزهري ( ح قال : وحدثنا ) حجاج يعني ابن أبي منيع ، ثنا جدي عن الزهري ، حدثني أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ : أن معاذا - رضي الله عنه - كان يقول : كلما جلس مجلس ذكر ألله حكم عدل ، وقال أبو اليمان : قسط تبارك اسمه هلك المرتابون فقال معاذ بن جبل يوما في مجلس جلسه: وراءكم فتن يكثر فيها المال ، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق ، والحر والعبد ، والرجل والمرأة ، والكبير والصغير فيوشك قائل أن يقول : فما للناس لا يتبعوني ! وقد قرأت القرآن والله ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره ، فإياكم وما ابتدع ؛ فإن ما ابتدع ضلالة ، واحذروا زيغة الحكيم ؛ فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلال على فم الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق قال : قلت له : وما يدريني - يرحمك الله - أن الحكيم يقول كلمة الضلالة ، وأن المنافق يقول كلمة الحق ؟ ! قال : اجتنب من كلام الحكيم المشتبهات التي تقول ما هذه ؟ ولا ينئينك ذلك منه فإنه لعله أن يراجع ، ويلقى الحق إذا سمعه ؛ فإن على الحق نورا ، وفي رواية القاضي ولا يثنينك ذلك عنه ( ورواه ) عقيل عن الزهري فقال في الحديث : ولا يثنينك ذلك عنه .

                                                                                                                                                فأخبر معاذ بن جبل أن زيغة الحكيم لا توجب [ ص: 211 ] الإعراض عنه ولكن يترك من قوله ما ليس عليه نور ، فإن على الحق نورا ، يعني والله أعلم دلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس على بعض هذا .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية