الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( القاعدة الخمسون ) : هل يتوقف الملك في العقود القهرية على دفع الثمن أو يقع بدونه مضمونا في الذمة هذا على ضربين :

أحدهما : التملك الاضطراري كمن اضطر إلى طعام الغير ومنعه وقدر على أخذه فإنه يأخذه مضمونا سواء كان معه ثمن يدفعه في الحال أو لا لأن ضرره لا يندفع إلا بذلك [ ص: 73 ]

والثاني : ما عدده من التمليكات المشروعة لإزالة ضرر ما كالأخذ بالشفعة وأخذ الغراس والبناء من المستعير والمستأجر والزرع ومن الغاصب وتقويم الشقص من العبد المشترك إذا قيل إنه تملك يقف على التقويم ، وكالفسوخ التي يستقل بها البائع بعد قبض الثمن يتخرج ذلك كله على وجهين فإن لأصحابنا في الأخذ بالشفعة وجهين :

أحدهما : لا يملك بدون دفع الثمن وهو محكي عن ابن عقيل ويشهد له نص أحمد أنه إذا لم يحضر المال مدة طويلة بطلت شفعته .

والثاني : تملك بدونه مضمونا في الذمة ، ونص أحمد في فسخ البائع أنه لا ينفذ بدون رد الثمن قال أبو طالب : قلت لأحمد يقولون إذا كان له الخيار فمتى قال اخترت داري أو أرضي فالخيار له ويطالب بالثمن . قال : [ كيف ] له الخيار ولم يعطه ماله ليس هذا بشيء إن أعطاه فله الخيار وإن لم يعطه ماله فليس له الخيار ، واختار الشيخ تقي الدين ذلك ، وقد يتخرج مثله في سائر المسائل لأن التسليط على انتزاع الأموال قهرا إن لم يقترن به دفع العوض وإلا حصل به ضرورة فساد وأصل الانتزاع القهري إنما شرع لدفع الضرر والضرر لا يزال بالضرر ، وقد يفرق بين مسألة أبي طالب وبقية المسائل بأن البائع لو فسخ من غير دفع الثمن اجتمع له العوض والمعوض ، وذلك ممتنع ولا يوجد مثله في بقية الصور إذ أكثر ما فيها التملك ويعوض في الذمة وهو جائز كالقرض وغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية