الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( باب ما جاء في صفة فاكهة رسول الله صلى الله عليه وسلم )

قال الراغب : الفاكهة هي الثمار كلها ، وقيل : بل ما عدا التمر والرمان ، وقائل هذا كأنه نظر إلى اختصاصها بالذكر وعطفهما على الفاكهة ، في قوله تعالى : فيهما فاكهة ونخل ورمان وهو يحتمل التخصيص ، قلت : الأصل في العطف المغايرة ; ولأن التمر غذاء والرمان دواء ، وهذا قول الإمام أبي حنيفة ، وقد قال صاحب المغرب : هي ما يتفكه به أي يتنعم به ، ولا يتغذى به ، كالطعام انتهى . وكان حقه أن يقول : ولا يتداوى به ، لكن تركه للوضوح ، والله أعلم .

( حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ) بفتح الفاء والزاي منسوب إلى قبيلة بني فزارة ( حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر ، قال : كان صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء ) بكسر القاف وبضم ، وتشديد المثلثة ممدودا ( بالرطب ) أي مصحوبا معه ، وقد ورد في الصحيح أنه كان يأكل الرطب بالقثاء ، والفرق بينهما أن المقدم أصل في المأكول ، كالخبز والمؤخر كالإدام ، وقد أخرج الطبراني بسند ضعيف ، أن عبد الله بن جعفر ، قال : رأيت في يمين [ ص: 296 ] النبي صلى الله عليه وسلم قثاء ، وفي شماله رطبا ، وهو يأكل من ذا مرة ، ومن ذا مرة ، انتهى .

وهو محمول على تبديل ما في يديه ; لئلا يلزم الأكل بالشمال ، قال النووي : فيه جواز أكل الطعامين معا ، والتوسع في الأطعمة ، ولا خلاف بين العلماء في جوازه ، وما نقل عن بعض السلف من الخلاف هذا محمول على كراهة اعتياد هذا التوسع والترفه والإكثار منه ، لغير مصلحة دينية ، وقال القرطبي : يؤخذ من هذا الحديث جواز مراعاة صفات الأطعمة ، وطبائعها واستعمالها على الوجه اللائق بها ، على قاعدة الطب ; لأن في الرطب حرارة ، وفي القثاء برودة ، فإذا أكلا معا اعتدلا ، وهذا أصل كبير في المركبات من الأدوية ، ومن فوائد أكل هذا المركب المعتدل تعديل المزاج ، وتسمين البدن ، كما أخرجه ابن ماجه من حديث عائشة ، أنها قالت : " أرادت أمي أن تعالجني للسمن لتدخلني على النبي صلى الله عليه وسلم ، فما استقام لها ذلك حتى أكلت الرطب بالقثاء ، فسمنت كأحسن السمن " ، وفي رواية للنسائي التمر بالقثاء ، ومن جملة ما جمع بين الشيئين ما أخرج أبو داود وابن ماجه قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمنا له زبدا وتمرا ، وكان يحب الزبد والتمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية