الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 58 ] ذكر حنوخ وهو إدريس ، عليه السلام

ثم نكح حنوخ بن يرد هدانة - وتقال أذانة - ابنة باويل بن محويل بن حنوخ بن قين بن آدم ، وهو ابن خمس وستين سنة ، فولدت له متوشلخ بن حنوخ ، فعاش بعدما ولد متوشلخ ثلاثمائة سنة ، ثم رفع واستخلفه حنوخ على أمر ولده ، وأمر الله ، وأوصاه وأهل بيته قبل أن يرفع وأعلمهم أن الله سوف يعذب ولد قابيل ومن خالطهم ، ونهاهم عن مخالطتهم ، وإنه كان أول من ركب الخيل ; لأنه سلك رسم أبيه حنوخ في الجهاد ، ثم نكح متوشلخ عربا ابنة عزازيل بن أنوشيل بن حنوخ بن قين ، وهو ابن مائة سنة وسبع وثلاثين سنة ، فولدت له لمك بن متوشلخ ، فعاش بعدما ولد له لمك سبعمائة سنة ، وولد له بنون وبنات ، فكان كل ما عاش متوشلخ تسعمائة سنة وتسع عشرة سنة .

ثم مات وأوصى إلى ابنه لمك فكان لمك يعظ قومه وينهاهم عن مخالطة ولد قابيل ، فلم يقبلوا حتى نزل إليهم جميع من كان معهم في الجبل .

وقيل : كان لمتوشلخ ابن آخر غير لمك يقال له صابي ، وبه سمي الصابئون .

قلت : محويل بحاء مهملة ، وباء معجمة باثنتين من تحت . وقين بقاف ، وياء معجمة باثنتين من تحت . ومتوشلخ بفتح الميم ، وبالتاء المعجمة باثنتين من فوق ، والشين المعجمة ، وبحاء مهملة ، وقيل خاء معجمة .

[ ص: 59 ] ونكح لمك بن متوشلخ قينوش ابنة براكيل بن محويل بن حنوخ بن قين ، وهو ابن مائة سنة وسبع وثمانين سنة ، فولدت له نوح بن لمك ، وهو النبي ، فعاش لمك بعد مولد نوح خمسمائة سنة وخمسا وتسعين سنة وولد له بنون وبنات ثم مات .

ونكح نوح بن لمك عزرة بنت براكيل بن محويل بن حنوخ بن قين ، وهو ابن خمسمائة سنة ، فولدت له ولده ساما ، وحاما ، ويافث بني نوح .

وكان مولد نوح بعد موت آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة ، ولما أدرك قال له أبوه لمك : قد علمت أنه لم يبق في هذا الجبل غيرنا فلا تستوحش ولا تتبع الأمة الخاطئة . وكان نوح يدعو قومه ويعظهم فيستخفون به .

وقيل : كان نوح في عهد بيوراسب وكانوا قومه فدعاهم إلى الله تسعمائة وستة وخمسين سنة كلما مضى قرن اتبعهم قرن على ملة واحدة من الكفر حتى أنزل الله عليهم العذاب .

وقال ابن عباس فيما رواه ابن الكلبي ، عن أبي صالح عنه : فولد لمك نوحا ، وكان له يوم ولد نوح اثنتان وثمانون سنة ، ولم يكن في ذلك الزمان أحد ينهى عن منكر ، فبعث الله إليهم نوحا وهو ابن أربعمائة وثمانين سنة فدعاهم مائة وعشرين سنة ، ثم أمره الله بصنعة الفلك فصنعها ، وركبها وهو ابن ستمائة سنة ، وغرق من غرق ، ثم مكث من بعد السفينة ثلاثمائة سنة وخمسين سنة .

وروي عن جماعة من السلف أنه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على ملة الحق ، وأن الكفر بالله حدث في القرن الذي بعث فيه إليهم نوح ، فأرسله الله ، وهو أول نبي بعث بالإنذار ، والدعاء إلى التوحيد ، وهو قول ابن عباس ، وقتادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية