الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [15 ] الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون

                                                                                                                                                                                                                                      "الله يستهزئ بهم" يسخر بهم للنقمة منهم -هكذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه الضحاك- : ويمدهم في طغيانهم يعمهون يزيدهم على وجه الإملاء ، والترك لهم في عتوهم وتمردهم ، كما قال تعالى : ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 51 ] و(الطغيان) المراد به هنا : الغلو في الكفر ومجاوزة الحد في العتو . وأصل المادة هو المجاوزة في الشيء ، كما قال تعالى : إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية

                                                                                                                                                                                                                                      و(العمه) : مثل العمى - إلا أن العمى عام في البصر والرأي ، والعمه في الرأي خاصة - وهو التحير والتردد ، لا يدري أين يتوجه .

                                                                                                                                                                                                                                      أي في ضلالهم وكفرهم - الذي غمرهم دنسه ، وعلاهم رجسه - يترددون حيارى ، ضلالا ، لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا .

                                                                                                                                                                                                                                      والمشهور فتح الياء من "يمدهم"، وقرئ - شاذا - بضمها ، وهما بمعنى واحد . يقال : مد الجيش وأمده - إذا زاده ، وألحق به ما يقويه ويكثره -وكذلك مد الدواة وأمدها زادها ما يصلحها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية