الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك .

فقال بعضهم : معناه : سأنزع عنهم فهم الكتاب .

ذكر من قال ذلك :

15122 - حدثنا أحمد بن منصور المروزي قال ، حدثني محمد بن عبد الله بن بكر قال : سمعت ابن عيينة يقول في قول الله : " سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق " ، قال يقول : أنزع عنهم فهم القرآن ، وأصرفهم عن آياتي . [ ص: 113 ]

قال أبو جعفر : وتأويل ابن عيينة هذا يدل على أن هذا الكلام كان عنده من الله وعيدا لأهل الكفر بالله ممن بعث إليه نبينا صلى الله عليه وسلم ، دون قوم موسى ، لأن القرآن إنما أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون ، موسى عليه السلام .

وقال آخرون في ذلك : معناه : سأصرفهم عن الاعتبار بالحجج .

ذكر من قال ذلك :

15123 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " سأصرف عن آياتي " ، عن خلق السماوات والأرض والآيات فيها ، سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها ويعتبروا .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر أنه سيصرف عن آياته ، وهي أدلته وأعلامه على حقيقة ما أمر به عباده وفرض عليهم من طاعته في توحيده وعدله ، وغير ذلك من فرائضه . والسماوات والأرض ، وكل موجود من خلقه ، فمن آياته ، والقرآن أيضا من آياته ، وقد عم بالخبر أنه يصرف عن آياته المتكبرين في الأرض بغير الحق ، وهم الذين حقت عليهم كلمة الله أنهم لا يؤمنون ، فهم عن فهم جميع آياته والاعتبار والادكار بها مصروفون ، لأنهم لو وفقوا لفهم بعض ذلك فهدوا للاعتبار به ، اتعظوا وأنابوا إلى الحق ، وذلك غير كائن منهم ، لأنه جل ثناؤه قال : ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ) ، فلا تبديل لكلمات الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية