الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  حديث أنس - رضي الله عنه - في الاستسقاء

                                                                  27 - حدثنا أبو يعلى محمد بن إسحاق بن إبراهيم شاذان ، حدثني أبي ، ثنا مجاشع بن عمرو ، ثنا ابن لهيعة ، ثنا عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك قال : قحط الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه المسلمون فقالوا : يا رسول الله ، قحط المطر ، ويبس الشجر ، وهلكت المواشي ، وأسنت الناس ، فاستسق لنا ربك ، فقال : " إذا كان يوم كذا وكذا فاخرجوا وأخرجوا معكم بصدقات " فلما كان ذلك اليوم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه ، يمشي ويمشون عليهم السكينة والوقار حتى أتوا المصلى ، فتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين والاستسقاء في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب [ ص: 243 ] و ( سبح اسم ربك الأعلى ) ، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب و ( هل أتاك حديث الغاشية ) ، فلما قضى صلاته استقبل القوم بوجهه وقلب رداءه ، قال : لكي ينقلب القحط إلى الخصب ، ثم جثا على ركبتيه ، ورفع يديه ، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي ، ثم قال : " اللهم اسقنا وأغثنا ، اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، رحبا ربيعا ، وجدا غدقا ، طبقا ، مغدقا ، عاما ، هنيئا ، مريئا ، مريعا ، وابلا ، شاملا ، مسبلا ، مجللا ، دائما ، دارا ، نافعا غير ضار ، عاجلا غير رائث ، اللهم تحيي به البلاد ، وتغيث به العباد ، وتجعله بلاغا للحاضر منا والبادي ، اللهم أنزل علينا في أرضنا زينتها ، وأنزل علينا في أرضنا سلها ، اللهم أنزل علينا من السماء ماء طهورا ، فأحي به بلدة ميتة ، واسقه مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا " .

                                                                  قال : فما برحوا حتى أقبل فزع من السحاب ، والتأم بعضه إلى بعض ، ثم مطرت عليهم سبعة أيام ولياليهن لا تقلع عن المدينة ، فأتاه المسلمون فقالوا : يا رسول الله ، قد غرقت الأرض ، وتهدمت البيوت ، وانقطعت السبل ، فادع الله لنا أن يصرفها عنا ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر حتى بدت نواجذه تعجبا لسرعة ملالة ابن آدم ، ثم رفع رأسه فقال : " اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على رءوس الظراب ، ومنابت الشجر ، وبطون الأودية ، وظهور الآكام " . فتصدعت عن المدينة ، فكانت في مثل الترس عليها كالنشطاط ، تمطر مراعيها ولا تمطر فيها قطرة .


                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية