الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 132 ] ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين وستمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها عاثت الخوارزمية حين قدموا مع جلال الدين بن خوارزم شاه من بلاد غزنة مقهورين من التتار إلى بلاد خوزستان ونواحي العراق ، فأفسدوا فيه ، وحاصروا مدنه ، ونهبوا قراه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها استحوذ جلال الدين بن خوارزم شاه على بلاد أذربيجان وكثير من بلاد الكرج ، وكسر الكرج ، وهم في سبعين ألف مقاتل ، فقتل منهم عشرين ألفا من المقاتلة ، واستفحل أمره جدا ، وعظم شأنه ، وفتح تفليس ، فقتل منها ثلاثين ألفا . وزعم أبو شامة أنه قتل من الكرج سبعين ألفا في المعركة ، وقتل من تفليس تمام المائة ألف ، وقد اشتغل بهذه الغزوة عن قصد بغداد ، وذلك أنه لما حاصر دقوقا سبه أهلها ، ففتحها قهرا ، وقتل من أهلها خلقا كثيرا ، وخرب سورها ، وعزم على قصد الخليفة ببغداد; لأنه فيما زعم عمل على أبيه حتى هلك ، واستولت التتر على البلاد ، وكتب إلى المعظم بن العادل يستدعيه لقتال الخليفة ، ويحرضه على ذلك ، فامتنع المعظم من ذلك ، ولما علم الخليفة بقصد جلال الدين بن خوارزم شاه بغداد انزعج لذلك ، وحصن بغداد ، واستخدم [ ص: 133 ] الجيوش والأجناد ، وأنفق في الناس ألف ألف دينار ، وكان جلال الدين قد بعث جيشا إلى الكرج فكتبوا إليه أن أدركنا قبل أن نهلك عن آخرنا ، وبغداد ما تفوت . فسار إليهم وكان من أمره ما ذكرناه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كان غلاء شديد بالعراق والشام بسبب قلة الأمطار وانتشار الجراد ، ثم أعقب ذلك فناء كثير بالعراق والشام أيضا ، مات بسببه خلق كثير في البلدان ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية