الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء إذا اختلف البيعان

                                                                                                          1270 حدثنا قتيبة حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار قال أبو عيسى هذا حديث مرسل عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود وقد روي عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث أيضا وهو مرسل أيضا قال أبو عيسى قال إسحق بن منصور قلت لأحمد إذا اختلف البيعان ولم تكن بينة قال القول ما قال رب السلعة أو يترادان قال إسحق كما قال وكل من كان القول قوله فعليه اليمين قال أبو عيسى هكذا روي عن بعض أهل العلم من التابعين منهم شريح وغيره نحو هذا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          بفتح الموحدة وتشديد التحتية المكسورة أي : المتبايعان .

                                                                                                          قوله : ( إذا اختلف البيعان ) ، أي : إذا اختلف البائع والمشتري في قدر الثمن ، أو في شرط الخيار ، أو في شيء آخر ولم يكن لأحد منهما بينة ، قال في النيل : لم يذكر الأمر الذي فيه الاختلاف ، وحذف المتعلق مشعر بالتعميم في مثل هذا المقام على ما تقرر في علم المعاني فيعم الاختلاف في المبيع والثمن ، وفي كل أمر يرجع إليهما ، وفي سائر الشروط المعتبرة ، والتصريح بالاختلاف في الثمن في بعض الروايات لا ينافي هذا العموم المستفاد من الحذف . انتهى . ( فالقول قول البائع ) أي : مع يمينه ( والمبتاع ) أي : المشتري ( بالخيار ) أي : إن شاء اختار البيع ورضي بقول البائع ، وإن شاء فسخ البيع والحديث دليل على أنه إذا وقع الخلاف بين البائع والمشتري في الثمن ، أو المبيع ، أو في شرط من شروطهما فالقول قول البائع مع يمينه لما عرف من القواعد الشرعية : أن من كان القول قوله فعليه اليمين ، كذا في سبل السلام ، قلت : يدل على أن القول قول البائع مع يمينه رواية أحمد والنسائي عن أبي عبيدة : وأتاه رجلان تبايعا سلعة فقال هذا أخذت بكذا وكذا ، وقال هذا بعت بكذا وكذا ، فقال أبو عبيدة : أتى عبد الله في مثل هذا فقال : [ ص: 408 ] حضرت النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا فأمر بالبائع أن يستحلف ، ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك . قوله : ( والمبتاع ) أي : المشتري ( بالخيار ) أي : إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك . قوله : ( هذا حديث مرسل إلخ ) وأخرجه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وغيرهم ، وروي هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود من طرق بألفاظ ذكرها الحافظ في التلخيص ( القول ما قال رب السلعة ) أي : البائع ( قال إسحاق كما قال ) أي : أحمد ( وكل من كان القول قوله فعليه اليمين ) يدل على ذلك رواية أحمد والنسائي التي ذكرنا قال الشوكاني : قد استدل بالحديث من قال إن القول قول البائع إذا وقع الاختلاف بينه وبين المشتري في أمر من الأمور المتعلقة بالعقد ، ولكن مع يمينه كما وقع في الرواية الآخرة ، وهذا إذا لم يقع التراضي بينهما على التراد ، فإن تراضيا على ذلك جاز بلا خلاف فلا يكون لهما خلاص عن النزاع إلا التفاسخ ، أو حلف البائع ، والظاهر عدم الفرق بين بقاء المبيع وتلفه لما عرفت من عدم انتهاض الرواية المصرح فيها باشتراط بقاء المبيع للاحتجاج ، والتراد مع التلف ممكن بأن يرجع كل واحد منهما بمثل المثلي وقيمة القيمي إذا تقرر لك ما يدل عليه هذا الحديث من كون القول قول البائع من غير فرق ، فاعلم أنه لم يذهب إلى العمل به في جميع صور الاختلاف أحد فيما أعلم ، بل اختلفوا في ذلك اختلافا طويلا على حسب ما هو مبسوط في الفروع ، ووقع الاتفاق في بعض الصور والاختلاف في بعض ، وسبب الاختلاف في ذلك ما سيأتي من قوله صلى الله عليه وسلم : البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ؛ لأنه يدل بعمومه على أن اليمين على المدعى عليه ، والبينة على المدعي من غير فرق بين أن يكون أحدهما بائعا والآخر مشتريا ، أو لا ، وحديث الباب يدل على أن القول قول البائع مع يمينه والبينة على المشتري من غير فرق بين أن يكون البائع مدعيا ، أو مدعى عليه فبين الحديثين عموم وخصوص من وجه فيتعارضان باعتبار مادة الاتفاق ، وهي حيث يكون البائع مدعيا فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى الأمور الخارجة ، وحديث : إن اليمين على المدعى عليه عزاه المصنف يعني : صاحب المنتقى في كتاب الأقضية إلى أحمد ومسلم ، وهو أيضا في صحيح البخاري في الرهن ، وفي باب : اليمين على المدعى عليه . انتهى بقدر الحاجة .




                                                                                                          الخدمات العلمية