الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( كتاب العتق ) .

                                                                                        ذكره عقيب الطلاق ; لأن كلا منهما إسقاط الحق وقدم الطلاق لمناسبة النكاح ، ثم الإسقاطات أنواع تختلف أسماؤها باختلاف أنواعها فإسقاط الحق عن الرق عتق وإسقاط الحق عن البضع طلاق وإسقاط ما في الذمة براءة وإسقاط الحق عن القصاص والجراحات عفو ، والإعتاق في اللغة الإخراج عن الملك يقال أعتقه فعتق والعتق الخروج عن الملك يقال من باب فعل بالفتح يفعل بالكسر عتق العبد عتاقا إذا خرج عن الملك وعتقت الفرس إذا سبقت ونجت وعتق فرخ القطاة إذا طار ويقال عتق فلان بعد استعلاج إذا رقت بشرته بعد غلظ ، ومصدره العتق والعتاق وليس منه العتاقة بمعنى القدم ; لأن فعله فعل بالفتح يفعل بالضم وليس منه العتق بمعنى الجمال ; لأنه من هذا الباب أيضا وهو مضموم العين أيضا كذا في ضياء الحلوم ، فالعتق اللغوي حينئذ هو العتق الشرعي وهو الخروج عن المملوكية وهو أولى من قولهم إن العتق في اللغة القوة وفي الشرع القوة الشرعية ; لأن أهل اللغة لم يقولوا عتق العبد إذا قوي وإنما قالوا عتق العبد إذا خرج عن المملوكية وإنما ذكروا القوة في عتق الطير ونحوه وركنه في الإعتاق اللفظي الإنشائي اللفظ الدال عليه وفي البدائع ركنه اللفظ الذي جعل دلالة على العتق في الجملة أو ما يقوم مقام اللفظ . ا هـ .

                                                                                        ويعرف ذلك ببيان سببه قالوا سببه [ ص: 239 ] المثبت له قد يكون دعوى النسب ، وقد يكون نفس الملك في القريب ، وقد يكون الإقرار بحرية عبد إنسان حتى لو ملكه عتق ، وقد يكون بالدخول في دار الحرب فإن الحربي إذا اشترى عبدا مسلما فدخل به إلى دار الحرب ولم يشعر عتق عند أبي حنيفة ، وكذا زوال يده عنه بأن هرب عن مولاه الحربي إلى دار الإسلام ، وقد يكون اللفظ المذكور .

                                                                                        أما سببه الباعث ففي الواجب تفريغ ذمته وفي غيره قصد التقرب إلى الله تعالى عز وجل ، وأنواعه أربعة واجب ومندوب ومباح ومحظور ، فالواجب الإعتاق في كفارة القتل والظهار واليمين والإفطار إلا أنه في باب القتل والظهار والإفطار واجب على التعيين عند القدرة عليه وفي باب اليمين واجب على التخيير . والمندوب الإعتاق لوجه الله تعالى من غير إيجاب ; لأن الشرع ندب إلى ذلك للحديث { أيما مؤمن أعتق مؤمنا في الدنيا أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار } ; ولهذا استحبوا أن يعتق الرجل العبد والمرأة الأمة ليتحقق مقابلة الأعضاء بالأعضاء لكنه ليس بعبادة حتى يصح من الكافر ، أما المباح فهو الإعتاق من غير نية ، أما المحظور فهو الإعتاق لوجه الشيطان وسيأتي تمامه وسيأتي بيان شرائطه ، وحكمه زوال الملك أو ثبوت العتق على الاختلاف .

                                                                                        ( قوله : هو إثبات القوة الشرعية للمملوك ) أي الإعتاق شرعا والقوة الشرعية هي قدرته على التصرفات الشرعية وأهليته للولايات والشهادات ودفع تصرف الغير عليه وحاصله أنه إزالة الضعف الحكمي الذي هو الرق الذي هو أثر الكفر وفي المحيط ويستحب للعبد أن يكتب للعتق كتابا ويشهد عليه شهودا توثيقا وصيانة عن التجاحد والتنازع فيه كما في المداينة بخلاف سائر التجارات ; لأنه مما يكثر وقوعها فالكتابة فيها تؤدي إلى الحرج ولا كذلك العتق

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( كتاب العتق ) .

                                                                                        ( قوله : لأن أهل اللغة لم يقولوا إلخ ) قال في النهر وفي المبسوط وعليه جرى كثير أنه لغة القوة وأنت خبير بأن ما ادعاه في البحر يعد أن الناقل ثقة لا يلتفت إليه على أن في كلامهم ما يفيده وذلك أنهم قالوا الرق في اللغة الضعف ومنه ثوب رقيق وصوت رقيق ، ولا شك أن العتق إزالة الضعف وإزالته تستلزم القوة .




                                                                                        الخدمات العلمية