الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم- في الشعر

                                                                                                                                                                                                                              الباب الأول في مدحه- صلى الله عليه وسلم- لحسن الشعر وذمه لقبيحه وتنفيره من الإكثار منه

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام الشافعي وأبو يعلى عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- والإمام الشافعي عن عروة مرسلا والدارقطني مرسلا بذكر عائشة قالت : ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر فقال : كلام فحسنه حسن ، وقبيحه قبيح .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري في الأدب والدارقطني عن عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الشعر بمنزلة الكلام ، حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحارث بن أبي أسامة عن رجل من أهل اليمن عن رجل من هذيل عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن هذا الشعر جزل من كلام العرب ، به يعطى السائل ، وبه يكظم الغيظ ، وبه يتبلع القوم في ناديهم» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجه عن أبي بن كعب وابن عباس - رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من الشعر لحكمة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه- أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم بكلام بين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا ، وإن من الشعر لحكمة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن من الشعر لحكمة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسدد والدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- والإمام أحمد والبخاري عن ابن عمر والإمام أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص ، والإمام أحمد ومسلم عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «امرؤ القيس صاحب لواء الشعر إلى النار» [ ص: 347 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى إسحاق بن راهويه بسند حسن عن سلمة بن الأكوع- رضي الله تعالى عنه- قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم بعض القوم بكلام «فيه شبه» الرجز ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قم يا سلمة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك وابن جرير عن كعب بن مالك- رضي الله تعالى عنه- أنه قال : يا رسول الله ، ماذا ترى في الشعر ؟ فقال : «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو الحسن بن الضحاك عن مالك بن عمير- رضي الله تعالى عنه- قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتح وخيبر والطائف ، فقلت : يا رسول الله إني امرؤ شاعر فأفتني في الشعر فقال : «لأن يمتلئ ما بين لبتك إلى عاتقك قيحا خير لك من أن تمتلئ شعرا» قال : قلت : يا رسول الله ، فامسح عني الخطيئة ، قال : فوضع يده على رأسي ثم أمرها على كبدي ، ثم على بطني ، حتى إني لأحتشم من مبلغ يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : «إن أتاك منه شيء فشبب بامرأتك ، وامدح راحلتك» ، قال : فما قلت شيئا بعد ذاك . ومالك الذي يقول :


                                                                                                                                                                                                                              ومن ينتزع ما ليس من شوس نفسه يدعه ويغلبه على النفس خيمها

                                                                                                                                                                                                                              فشاب ابن مالك رأسه ولحيته غير موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 348 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية